للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"قال المعترض المالكي: وورد في زيارة قبره صلى الله عليه وسلم أحاديث صحيحة وغيرها مما لم تبلغ درجة الصحيح، لكنها يجوز الاستدلال بها على الأحكام الشرعية، ويحصل بها الترجيح.

قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: والجواب من وجوه:

أحدها: أن يقال: لو ورد من ذلك ما هو صحيح لكان إنما يدل على مطلق الزيارة، وليس في جواب الاستفتاء نهي مطلق عن الزيارة، ولا حكى في ذلك نزاع في الجواب، وإنما فيه ذكر النزاع فيمن لم يكن سفره إلا لمجرد زيارة قبور الأنبياء والصالحين، وحينئذ فلو كان في هذا الباب حديث صحيح لم يتناول محل النزاع، ولا فيه رد على ما ذكره المجيب من النزاع والإجماع.

الثاني: أنه لو قدر أنه ورد في زيارة قبره أحاديث صحيحة لكان المراد بها هو المراد بقول من قال من العلماء: إنه يستحب زيارة قبره، ومرادهم بذلك السفر إلى مسجده، وفي مسجده يسلم عليه ويصلى عليه، ويدعى له ويُثنى عليه، ليس المراد أنه يدخل إلى قبره ويصلى عليه، وحينئذ فهذا المراد قد استحبه المجيب، وذكر أنه مستحب بالنص والإجماع، فمن حكى عن المجيب أنه لا يستحب ما استحبه علماء المسلمين من زيارة قبره على الوجه المشروع فقد استحق ما يستحقه الكاذب المفتري، وإذا كان يستحب هذا وهو المراد بزيارة قبره فزيارة قبره بهذا المعنى من مواقع الإجماع لا من موارد النزاع.

الثالث: أن نقول: قول القائل: إنه ورد في زيارة قبره أحاديث صحيحة قول لم يذكر عليه دليلاً. فإذا قيل له: لا نسلم أنه ورد في ذلك حديث صحيح احتاج إلى الجواب، وهو لم يذكر شيئاً من تلك الأحاديث كما ذكر قوله: "كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها". وكما ذكر زيارته لأهل البقيع وأحد، فإن هذا صحيح، وهنا لم يذكر شيئاً من الحديث الصحيح، فبقي ما ذكره دعوى مجردة تقابل بالمنع.

الوجه الرابع: أن نقول: هذا قول باطل، لم يقله أحد من علماء المسلمين

<<  <  ج: ص:  >  >>