للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِبْرَاهِيمَ} ١ {وَتَرَكْنَا عَلَيهِمَا فِي الْآخِرِينَ * سَلامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ} ٢ {وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ * سَلامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ} ٣.

والمقصود هنا؛ أن هذا السلام- المأمور به خصوصاً، والمشروع في الصلاة وغيرها عموماً، على كل عبد صالح كقول المصلي السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين؛ فإن هذا -ثابت في التشهدات المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم كلها، مثل حديث ابن مسعود الذي في الصحيحين، وحديث أبي موسى وابن عباس اللذين رواهما مسلم، وحديث ابن عمر وعائشة وجابر وغيرهم التي في المساند والسنن، وهذا السلام لا يقتضي رداً من المسلم عليه، بل هو بمنزلة دعاء المؤمن للمؤمنين واستغفاره لهم، فيه الأجر والثواب من الله، ليس على المدعو لهم مثل ذلك الدعاء بخلاف سلام التحية فإنه مشروع بالنص والإجماع في حق كل مسلم، وعلى المسلَّم عليه أن يرد السلام ولو كان المسلِّم عليه كافراً، فإن هذا من العدل الواجب، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يرد على اليهود إذا سلموابقوله: "وعليكم". وإذا سلّم على معيّن تعين الرد، وإذا سلّم على جماعة فهل ردهم فرض على الأعيان أو على الكفاية؟ على قولين معروفين، هما قولان في مذهب أحمد وغيره. وسلام الزائر للقبر على الميت المؤمن هو من هذا الباب، ولهذا رُوي أن الميت يرد السلام مطلقاً.

فالصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم في مسجده وسائر المساجد وسائر البقاع مشروع بالكتاب والسنة والإجماع، وأما السلام عليه عند قبره من داخل الحجرة فهذا كان مشروعاً لما كان ممكناً بدخول من يدخل على عائشة، وأما تخصيص هذا السلام والصلاة بالمكان القريب من الحجرة فهذا محل النزاع، وللعلماء في ذلك ثلاثة أقوال:

منهم من ذكر استحباب الصلاة والسلام عليه إذا دخل المسجد، ثم بعد أن


١ سورة الصافات: ١٠٨- ١٠٩.
٢ سورة الصافات: ١١٩- ١٢٠.
٣ سورة الصافات: ١٢٩- ١٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>