هريرة:"إذا دخل أحدكم المسجد فليصل على النبي صلى الله عليه وسلم، وليقل "اللهم افتح لي" وقلت: وروى ابن أبي حاتم من حديث سفيان الثوري عن ضرار بن مرة مجاهد في هذه الآية {فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً} قال: إذا دخلت بيتاً ليس فيه أحد فقل: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، وإذا دخلت المسجد فقل: السلام على رسول الله، وإذا دخلت على أهلك فقل: السلام عليكم. قلت: والآثار مبسوطة في مواضع.
والمقصود هنا؛ أن تعرف ما كان عليه السلف من الفرق بين ما أمر الله به من الصلاة والسلام عليه وبين سلام التحية الموجب للرد، الذي يشترك فيه كل مؤمن حي، ويرد فيه على الكافر، ولهذا كان الصحابة بالمدينة على عهد الخلفاء الراشدين ومن بعدهم -إذا دخلوا المسجد لصلاة أو اعتكاف أو تعليم أو تعلم أو ذكر لله ودعاء له ونحو ذلك مما شرع في المساجد -لم يكونوا يذهبون إلى ناحية القبر فيزورونه هناك، ولا يقفون خارج الحجرة، كما لم يكونوا يدخلون الحجرة أيضاً لزيارة قبره، فلم يكن الصحابة بالمدينة يزورون قبره لا من المسجد خارج الحجرة ولا داخل الحجرة، ولا كانوا أيضاً يأتون من بيوتهم لمجرد زيارة قبره، بل هذا من البدع التي أنكرها الأئمة والعلماء، وإن كان الزائر منهم ليس مقصوده إلا الصلاة والسلام عليه، وبينوا أن السلف لم يفعلوها، كما ذكره مالك في (المبسوط) وقد ذكره أصحابه، كأبي الوليد الباجي، والقاضي عياض وغيرهما.