أما مالك فقد قاد القاضي عياض: وقال مالك في المبسوط: "لا أرى أن يقف عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن يسلم ويمضي".
وهذا الذي نقله القاضي عياض ذكره القاضي إسماعيل بن إسحاق في المبسوط، قال: وقال مالك لا أرى أن يقف الرجل عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم يدعو، ولكن يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى أبي بكر وعمر ثم يمضي. وقال مالك ذلك لأن هذا المنقول عن ابن عمر أنه كان يقول: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا أبت أو يا أبتاه، ثم ينصرت ولا يقف يدعو. فرأى مالك ذلك من البدع، قال: وقال مالك في رواية ابن وهب: إذا سلّم على النبي صلى الله عليه وسلم ودعا يقف ووجهه إلى القبر لا إلى القبلة، ويدنو ويسلم ولا يمس القبر بيده.
فقوله في هذه الرواية إذا سلم ودعا؛ قد يريد بالدعاء السلام، فإنه قال: يدنو ويسلم ولا يمس القبر بيده، ويؤيد ذلك أنه قال في رواية ابن وهب: يقول السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته. وقد يراد أنه يدعو له بلفظ الصلاة، كما ذكر في الموطأ من رواية عبد الله بن دينار أنه كان يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى أبي بكر وعمر. وفي رواية يحيى بن يحيى- وقد غلطه ابن عبد البر وقالوا: إنما لفظ الرواية على ما ذكره ابن القاسم والقعنبي وغيرهما- يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويسلم على أبي بكر وعمر، وقال أبو الوليد الباجي: وعندي أنه يدعو للنبي صلى الله عليه وسلم بلفظ الصلاة ولأبي بكر وعمر. لما في حديث ابن عمر من الخلاف. قال القاضي عياض: وقال في المبسوط: لا بأس لمن قدم من سفر أو خرج إلى سفر أدن يقف على قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيصلي عليه ويدعو له ولأبي بكر وعمر، فإن أراد بالدعاء السلام والصلاة فهو موافق لتلك الرواية، وإن أراد دعاء زائداً فهي رواية أخرى، وبكل حال فإنما أراد الدعاء اليسير.
وأما ابن حبيب فقال: ثم يقف بالقبر متواضعاً موقّراً فيصلي عليه ويثني بما حضر، ويسلم على أبي بكر وعمر. فلم يذكر إلا الثناء عليه مع الصلاة.
واما الإمام أحمد فذكر الثناء عليه بلفظ الشهادة له بذلك مع الدعاء له بغير