للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحتاج إلى معرفتها، وأكثر الناس لا يعرفون الأمر كيف كان، ولا حكم الله ورسوله في كثير من ذلك.

وكان من المقصود أن المسجد لما زاد فيه الوليد وأدخلت فيه الحجرة كان قد مات عامة الصحابة، ولم يبق إلا من أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يبلغ من التمييز الذي يؤمر فيه بالطهارة والصلاة، ومن المعلوم بالتواتر أن ذلك كان في خلافة الوليد بن عبد الملك، وقد ذكروا أن ذلك كان سنة إحدى وتسعين، وأن عمر بن عبد العزيز مكث في بنائه ثلاث سنين، وسنة ثلاث وتسعين مات فيها خلق كثير من التابعين، مثل سعيد بن المسيب وغيره من الفقهاء السبعة- ويقال لها سنة الفقهاء- وجابر بن عبد الله، وكان من السابقين الأولين ممن بايع بالعقبة تحت الشجرة، ولم يكن بقي من هؤلاء غيره لما مات، وذلك قبل تغيير المسجد بسنين، ولم يبق بعده ممن كان بالغاً حين موت النبي صلى الله عليه وسلم إلا سهل بن سعد الساعدي، فإنه توفي سنة ثمان وثمانين، وقيل سنة إحدى وتسعين، ولهذا قيل فيه إنه آخر من مات بالمدينة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كما قاله أبو حاتم البستي وغيره.

وأما من مات بعد ذلك فكانوا صغاراً، مثل: السائب بن زيد الكندي ابن أخت نمر، فإنه مات بالمدينة سنة إحدى وتسعين، وقيل: إنه مات بعده عبد الله بن طلحة الذي حنّكه النبي صلى الله عليه وسلم. وكذلك محمود بن الربيع الذي عقل مجة مجّها رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجهه من بئر كانت في دراهم وله خمس سنين، مات سنة تسع وتسعين وله ثلاث وتسعون سنة. وأبو أمامة بن سهل بن حنيف سماه النبي صلى الله عليه وسلم أسعد باسم أسعد بن زرارة، مات سنة مائة. لكن هؤلاء لم يكن لهم في حياته من التمييز ما ينقلون عنه أقواله وأفعاله التي ينقلها الصحابة، مثل ما ينقلها جابر وسهل بن سعد وغيرهما.

وأما ابن عمر، فكان قد مات قبل ذلك بعد قتل ابن الزبير بمكة سنة أربع وسبعين، وابن عباس مات قبل ذلك بالطائف سنة ثمان وستين، فهؤلاء وأمثالهم من الصحابة لم يدرك أحد منهم تغيير المسجد وإدخال الحجرة فيه. وأنس بن مالك كان بالبصرة ولم يكن بالمدينة، وقيل: إنه آخر من مات بها من الصحابة.

<<  <  ج: ص:  >  >>