للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي الصحيح؛ أن جارية قالت عنده: وفينا نبيٌّ يعلم ما في غدٍ. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "دعي هذا وقولي الذي كنت تقولين"١.

ومثل هذا كثير من نهيه عن المنكر بحضرته، فكل من رآه في حياته لم يتمكن أن يفعل بحضرته منكراً يقرُّ عليه- إلى أن قال-: ومعلوم أنه لو كان حياً في المسجد لكان قصده في المسجد من أفضل العبادات، وقصد القبر الذي اتخذ مسجداً مما نهى عنه ولعن أهل الكتاب على فعله، وأيضاً؛ فليس عند قبره مصلحة من مصالح الدين وقربة إلى رب العالمين إلا وهي مشروعة في جميع البقاع، فلا ينبغي أن يكون صاحبها غير معظّم للرسول صلى الله عليه وسلم التعظيم التام والمحبة التامة إلا عند قبره، بل هو مأمور بهذا في كل وقت.

وزيارته في حياته مصلحة راجحة لا مفسدة فيها، والسفر إلى القبر بمجرده بالعكس مفسدة راجحة لا مصلحة فيها، بخلاف السفر إلى مسجده فإنه مصلحة راجحة، وهنا يفعل من حقوقه ما يفعل في سائر المساجد.

وهذا مما يتبين به كذب الحديث الذي يقال فيه: "من زارني بعد مماتي فكأنما زارني في حياتي" وهذا الحديث معروف من رواية حفص بن سليمان الغاضري صاحب عاصم، عن ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حج فزار قبري بعد موتي كان كمن زارني في حياتي" ٢. وقد رواه عنه غير واحد، وهو عندهم معروف من طريقه، وهو عندهما ضعيف في


١ أخرجه البخاري (٥١٤٧) وأحمد (٦/٣٥٩) وأبو داود (٤٩٢٢) والترمذي (١٠٩٠) وابن ماجه (١٨٩٧) .
٢ أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (١٢/رقم: ١٣٤٩٧) وفي "المعجم الأوسط" (٣/٢٨٦/ ١٨٣٠- مجمع البحرين) والدارقطني في "سننه" (٢/٢٧٨) والبيهقي في "السنن الكبرى" (٥/٢٤٦) وفي "شعب الإيمان " (٣/ ٤٨٩/ ٤١٥٤) وابن عدي في "الكامل " (٢/٧٩٠) . من طريق: حفص به.
والحديث ضعّفه الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" (٢/٢٦٦) والألباني في "الإرواء" (١١٢٨) وقال: "منكر".

<<  <  ج: ص:  >  >>