للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهل مصر كالليث بن سعد وأمثاله.

وكان أهل الغرب بعضهم على مذهب هؤلاء، وبعضهم على مذهب الأوزاعي وأهل الشام، ومذهب أهل الشام ومصر والمدينة متقارب، لكن أهل المدينة أجلّ عند الجميع.

ثم إن الشافعي رضي الله عنه لما كان مجتهداً في العلم، ورأى من الأحاديث الصحيحة وغيرها من الأدلة ما يجب عليه اتباعه- وإن خالف قول أصحابه المدنيين- قام بما رآه واجباً عليه، وصنف الإملاء على مسائل ابن القاسم، وأظهر خلاف مالك فيما خالفه فيه.

وقد أحسن الشافعي فيما فعل، وقام بما يجب عليه، وإن كان قد كره ذلك من كرهه وآذوه، وجرت محنة مصرية معروفة، والله يغفر لجميع المؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.

وأبو يوسف ومحمد هما أصحاب أبي حنيفة، وهما مختصان به كاختصاص الشافعي بمالك، ولعل خلافهما له يقارب خلاف الشافعي لمالك، وكل ذلك اتباعاً للدليل وقياماً بالواجب.

والشافعي قرر أصول أصحابه والكتاب والسنة، وكان كثير الاتباع لما صح عنده من الحديث، ولهذا كان عبد الله بن الحكم يقول لابنه: يا بني، الزم هذا الرجل فإنه صاحب حجج، فما بينك وبين أن تقول قال ابن القاسم فيضحك منك إلا أن تخرج من مصر.

قال محمد: فلما صرت إلى العراق جلست إلى حلقة فيها ابن أبي دؤاد، فقلت قال ابن القاسم، فقال: ومن ابن القاسم؟ فقلت: رجل مفت يقول من مصر إلى أقصى المغرب، وأظنه قال: قلت رحم الله أبي، وكان مقصود أبيه اطلب الحجة لقول أصحابك ولا تتبع. فالتقليد إنما يقبل حيث يعظم المقلد بخلاف الحجة، فإنه يقبل في كل مكان، فإن الله أوجب على كل مجتهد أن يقول بموجب ما عنده من العلم، والله يخص هذا من العلم والفهم ما لا يختص به هذا، وقد

<<  <  ج: ص:  >  >>