للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القلوب، ومغفرة الذنوب والإنقاذ من النار ونحو ذلك من المطالب التي لا يقدر عليها إلا الله الواحد القهار؛ فهذا إنما يليق بمقام الربوبية، قال تعالى: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} ١. وقال: {وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ} ٢. وقال تعالى: {أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ} ٣. وقال تعالى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} ٤. وقال رجل: أتوب إلى الله ولا أتوب إلى محمد، فقال صلى الله عليه وسلم: "عرف الحق لأهله"٥.

وأما قوله: وقد ذكر المجوّزون أنّ جعل النبي صلى الله عليه وسلم متسبباً لا مانع من ذلك شرعاً وعقلاً.

فيقال: هذه العبارة ركيكة التركيب، والمجوزون للاستغاثة الله بغير فيما لا يقدر عليه إلا الله هم خصومنا فلا حجة في كلامهم، بل الشرع والعقل يرد مذهبهم ويبطله كما مر تقريره عن ابن القيم. وأما الأسباب العادية فإنها قد تجب، وقد تُسْتَحَبُّ، وقد تُبَاحُ، وقد تُكْرَه، وليس الكلام، فيها والمستغيث بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله لا ينجيه مجرد اعتقاده أن ذلك بإذن الله، بل لا بد من إخلاص الدعاء والاستغاثة، ودعاء المستغيث من أجلّ العبادات، فيجب إخلاصه لله.

وقول الغلاة: ومن أقر بالكرامة وأنها بإذن الله لم يجد بداً من اعترافه بجواز ذلك.


١ سورة القصص: ٥٦.
٢ سورة آل عمران: ١٣٥.
٣ سورة الزمر: ١٩.
٤ سورة آل عمران: ١٢٨.
٥ حديث ضعيف. أخرجه أحمد (٣/٤٣٥) أو رقم (١٥٦٢٩- قرطبة) والحاكم (٤/٢٥٥) والطبراني في " الكبير" (١/رقم: ٨٣٩، ٨٤٠) والبيهقي في "شعب الإيمان" (٤/١٠٣/٤٢٢٥) والدينوري في "المجالسة" (٢/٣٨٧- ٣٨٨/٥٦٢) . وصححه الحاكم، وتعقّبه الذهبي.
وانظر: "مجمع الزوائد" (١٠/١٩٩) و"ضعيف الجامع" (رقم: ٣٧٠٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>