للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قصدهم ويتسببون في إنقاذه فهذا جهل عظيم، وقول على الله بلا علم، لم يرد به كتاب ولا سنة، ولا قاله ولا فعله أحد يعتد به ويقتدى به من أهل العلم والإيمان، وقد مضت القرون الثلاثة المفضلة ولم يعهد عن أحد منهم أنه قال ذلك أو فعله، وعندهم أشرف القبور على الإطلاق ولم يعرف عن أحد منهم أنه سأل الرسول صلى الله عليه وسلم أو دعاه ولا غيره من الصالحين، وخبر العتبي سيأتي الكلام عليه، وأن فاعل ذلك أعرابي ليس مما يُقتدى به ويُحْتَجُّ بقوله، وإن كان بعض المتأخرين احتج بحكاية الأعرابي فهو احتجاج مدخول، وقد نازعهم من هو أقدم منهم وأجل من الأكابر والفحول.

وأما قوله في قوله تعالى: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} ١. فإن قال قائل: هذا في الحي وله قدرة.

قلنا: لا يجوز نسبة الأفعال إلى أحد حي أو ميت على أنه الفاعل استقلالاً من دون الله.

فهذا الكلام أورده بناء على أن النزاع في دعوى الاستقلال، وبزعمه أنه إذا لم يعتقد الاستقلال فالأسباب العادية كغيرها، ودعاء الأموات والغائبين يجوز عنده إذا لم يعتقد الاستقلال، هذه دعواه كررها مراراً واحتج بها. والدعوى تحتاج لدليل لا تصلح هي دليلاً، لاسيما هذه الدعوى الضالة الكاذبة الخاطئة، والله سبحانه حكى استغاثة المخلوق الحي الحاضر فيما يقدر عليه من نصره على عدوه، وهذا جائز لا نزاع فيه، واعتقاد الاستقلال من دون الله وأن العبد يخلق أفعال نفسه هذه مسألة أخرى لم يقل بها إلا قدرية النفاة، والناس مختلفون في تكفيرهم بهذا القول.

وبالجملة؛ فالنزاع في غير هذه المسألة، وإنما هو في دعاء الأموات والغائبين، وإن لم يستقل بذلك المطلوب من دون الله.


١ سورة القصص: ١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>