للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما روى ابن حميد الرازي الحكاية المنسوبة إلى مالك رحمه الله مع أبي جعفر المنصور- وفيها أنه سأل مالكاً فقال: يا أبا عبد الله، أستقبل القبلة وأدعو، أم أستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم عليه السلام إلى الله يوم القيامة؟ بل استقبله واستشفع به. فرد الحفاظ على ابن حميد هذه الحكاية، وذكروا أن إسنادها مظلم منقطع، مشتمل على من يتهم بالكذب، وقالوا: ابن حميد كثير المناكير، ولم يسمع من مالك شيئاً، بل روايته عنه منقطعة، ومحمد بن حميد الرازي هذا تكلّم فيه غير واحد من الأئمة ونسبه بعضهم إلى الكذب١.

الشبهة الثانية: أن رجلاً ضريراً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ادع الله لي أن يعافيني.

فقال: "إن شئتَ دعوتُ وإن شئتَ صبرتَ، وهو خير لك" إلى أن قال: فأمره أن يتوضأ فيُحْسِنُ وضوءَه ويدعو بهذا الدعاء: "اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم نبيّ الرحمة، يا محمد؛ إني أتوجه بك إلى ربي في قضاء حاجتي لتقضي لي، اللهم شفّعه فيّ" فقام وقد أبصر.. إلخ ٢.


١ انظر الكلام على هذه القصة وبيان كذبها في "قصص لا تثبت" (٥/١٣- وما بعدها) إعداد: سليمان بن صالح الخراشي.
٢ حديث صحيح. أخرجه أحمد (٤/١٣٨) أو رقم (١٧٢٨٨، ١٧٢٨٩- قرطبة) والترمذي (٣٥٧٨) والنسائي في "الكبرى"- عمل اليوم والليلة- (٦/١٦٩/١٠٤٩٥) وابن ماجه (١٣٨٥) والطبراني في "الكبير" (١٩/رقم: ٨٣١١) وفي "الدعاء" (٢/١٢٨٩/١٠٥١) والحاكم (١/٣١٣، ٥١٩) والبيهقي في "دلائل النبوة" (٦/١٦٦) والبخاري. في "التاريخ الكبير" (٦/٢١٠) وعبد بن حميد (٣٧٩) .
من طريق: شعبة، عن أبي جعفر، عن عمارة بن خزيمة، عن عثمان بن حنيف؛ أن رجلاً ضريراً أتى النبي صلى الله عليه وسلم.. فذكره. وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح غريب".
وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، ووافقهما الألباني في "التوسل" (ص ٧٥- ٧٦) .
وتابع شعبة عليه حمادُ بن سلمة عند: أحمد (٤/١٣٨) أو رقم (١٧٢٩٠- قرطبة) والنسائي في "الكبرى"- عمل اليوم والليلة- (٦/١٦٨- ١٦٩/١٠٤٩٤) والبخاري في "التاريخ الكبير" (٦/٢٠٩) .
قال الإمام أبو عبد الرحمن النسائي- رحمه الله-: خالفهما-[أي: حماد وشعبة]- هشام الدستوائي وروح بن القاسم؛ فقالا: عن أبي جعفر عمير بن يزيد بن خماشة-[ووقع في مطبوعة السنن الكبرى: خراشة! فلتصحح]- عن أبي أمامة بن سهل عن عثمان بن حنيف" اهـ.
قلت: أما حديث هشام الدستوائي فأخرجه: النسائي في "الكبرى" (٦/١٦٩/١٠٤٩٦) والبيهقي في "دلائل النبوة" (٦/١٦٨) والبخاري في "التاريخ الكبير" (٦/٢١٠) .
وحديث روح بن القاسم أخرجه: البخاري في "التاريخ الكبير" (٦/٢١٠) والحاكم في "المستدرك" (١/٥٢٦) والبيهقي في "الدلائل" (٦/١٦٧-١٦٨) والطبراني في "المعجم الكبير" (٩/رقم: ٨٣١١) وفي " الصغير" (١/١٨٣-١٨٤) وفي "الدعاء" (٢/١٢٨٧-١٢٨٩/١٠٥٠) وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (٦٢٨) .
وانظر لزاماً "التوسل" للألباني (ص ٧٥- وما بعدها) .
وانظر لتوجيه الحديث: المصدر السابق، و"قاعدة جليلة" لشيخ الإسلام، و"تحفة الأحوذي" للمباركفوري (١٠/٣٣- وما بعدها) .

<<  <  ج: ص:  >  >>