للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعداء، كما قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الْأِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً} ١ وقد يكون لأعداء التوحيد علوم كثيرة وكتب وحجج، كما قال تعالى: {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ} ٢.

إذا عرفتَ ذلك وعرفتَ أن الطريق إلى الله تعالى لا بد له من أعداء أهل فصاحة وعلم وحجج، فالواجب عليك أن تعلم من دين الله ما يكون لك سلاحاً تقاتل به هؤلاء الشياطين، الذين قال إمامهم ومقدمهم لربك عز وجل: {لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ} ٣. ولكنك إذا أقبلت على الله تعالى وأصغيت إلى حججه وبيناته فلا تخف أن كيد الشيطان كان ضعيفاً، والعامي من الموحدين يغلب ألفاً من خصومه بإذن الله، كما قال تعالى: {وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} ٤ فجند الله هم الغالبون بالحجة والبيان كما أنهم الغالبون بالسيف والسِّنان، وإنما الخوف على الموحد الذي يسلك الطريق وليس معه سلاح، وقد منَّ الله تعالى علينا بكتابه الذي جعله تبياناً لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين، فلا يأتي صاحب باطل بحجة إلا وفي القرآن ما ينقضها ويبين بطلانها، كما قال تعالى: {وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً} ٥. قال بعض المفسرين: هذه الآية عامة في كل حجة يأتي بها أهل الباطل إلى يرم القيامة.

وأنا أذكر لك أشياء مما ذكر الله تعالى في كتابه جواباً لكلام احتج به خصوم أهل الحق في زماننا هذا علينا، فنقول: إن جواب أهل الباطل من طريقين: مجمل ومفصل.


١ سورة الأنعام: ١١٢.
٢ سورة كافر: ٨٣.
٣ سورة الأعراف: ١٦- ١٧.
٤ سورة الصافات: ١٧٣.
٥ سورة الفرقان: ٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>