للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما المجمل: فهو الأمر العظيم والفائدة الكبيرة لمن عقلها، وذلك قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} ١. وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم"٢.

مثال ذلك: إذا قال لك بعض الخصوم: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} ٣. وأن الشفاعة حق، وأن الأنبياء عليهم السلام لهم جاه عند الله، أو ذكر كلاماً للنبي صلى الله عليه وسلم يستدل به على شيء من باطله، فأجبه بقولك: إن الله تعالى ذكر أن الذين في قلوبهم زيغ يتركون المحكم ويتبعون المتشابه، وأن الله تعالى ذكر أن المشركين يقرون بالربوبية، وأنه كفرهم بتعلقهم على الملائكة والأنبياء والأولياء، مع أنهم قالوا هؤلاء شفعاؤنا عند الله، فهذا أمر محكم بين لا يقدر أحد أن يغير معناه، وما ذكرت لي أيها الخصم من الكتاب الكريم أو كلام النبي صلى الله عليه وسلم لا أعرف معناه، ولكن أقطع أن كلام الله تعالى لا يتناقض وأن كلام النبي صلى الله عليه وسلم لا يخالف كلام الله.

وهذا جواب سديد، ولكن لا يفهمه إلا من وفقه الله تعالى، فلا تستهونه، فإنه كما قال تعالى: {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} ٤.

وأما الجواب المفصل: فإن أعداء الحق لهم اعتراضات كثيرة يصدون بها الناس:


١ سورة آل عمران: ٧.
٢ أخرجه البخاري (٤٥٤٧) ومسلم (٢٦٦٥) .
٣ سورة يونس: ٦٢.
٤ سورة فصلت: ٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>