للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان أحب إليّ من لفظ ليس في كتاب الله ولا سنة رسوله، وإن كان قد يعني بنفيه معنى تسمى تأويلاً ما هو صحيح منقول عن بعض السلف فلم أنف ما تقوم به الحجة على صحته، إذ ما قامت الحجة على صحته وهو منقول عن السلف فليس من التحريف.

وقلت لهم أيضاً: ذكرت في النفي التمثيل ولم أذكر التشبيه لأن التمثيل نفاه الله بنص كتابه، حيث قال: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} ١. وقال: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً} ٢. وكان أحب إليّ من لفظ ليس في كتاب الله ولا سنة رسوله، وإن كان قد يعنى بنفيه معنى صحيح كما قد يعني به معنى فاسد، ولما ذكرت أنهم لا ينفون عنه ما وصف به نفسه ويحرفون الكلم عن مواضعه ويلحدون في أسماء الله وآياته جعل بعض الحاضرين يتمعض من ذلك لاستشعاره ما في ذلك من الرد الظاهر عليه، ولكن لم يتوجه له ما يقوله، وأراد أن يدور بالأسئلة التي أعلمها فلم يتمكن لعلمه بالجواب.

ولما ذكرت آية الكرسي أظنه سأل الأمير عن قولنا: لا يقر به شيطان حتى يصبح؛ وذكرت حديث أبي هريرة في الذي كان يسرق صدقة الفطر، وذكرت أن البخاري رواه في صحيحه٣. وأخذوا يذكرون نفي التشبيه والتجسيم، ويطنبون في هذا، ويعرضون لما ينسبه بعض الناس إلينا من ذلك.

وقلت: قولي من غير تكييف ولا تمثيل ينفي كل باطل، وإنما اخترتُ هذين الاسمين لأن التكييف مأثور نفيه عن السلف، كما قال ربيعة ومالك وابن عيينة وغيرهم المقالة التي تلقاها العلماء بالقبول: "الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة" فاتفق هؤلاء السلف على أن التكييف غير معلوم لنا، فنفيت ذلك اتباعاً لسلف الأمة، وهو أيضاً منفيٌّ بالنص، فإن تأويل آيات الصفات يدخل فيها حقيقة الموصوف وحقيقة صفاته، وهذا من التأويل الذي


١ سورة الشورى: ١١.
٢ سورة مريم: ٦٥.
٣ برقم (٢٣١١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>