لا يعلمه إلا الله، كما قد قررت ذلك في قاعدة مفردة ذكرتها في التأويل، والفرق بين علمنا بمعنى الكلام وبين علمنا بتأويله.
وكذلك التمثيل منفيّ بالنص، والإجماع القديم، مع دلالة العقل على نفيه ونفي التكييف، إذ كنه الباري غير معلوم للبشر، وذكرت في ضمن ذلك الخطأ الذي نقل أنه مذهب السلف وهو إجراء الصفات وأحاديث الصفات على ظاهرها مع نفي الكيفية والتشبيه عنها إذ الكلام في الصفات فرع على الكلام في الذات، يحتذى فيه حذوه ويتبع فيه مثاله، فإذا كان إثبات الذات إثبات وجود لا إثبات تكييف؛ فكذلك إثبات الصفات إثبات وجود لا إثبات تكييف.
وقال أحد كبار المخالفين: فحينئذ يجوز أن يقال هو جسم لا كالأجسام.
فقلت له أنا وبعض الفضلاء الحاضرين: إنما قيل أنه يوصف الله بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم، وليس في الكتاب والسنة أن الله جسم حتى يلزم هذا السؤال.
وأخذ بعض القضاة المعروفين بالديانة يريد إظهار أن ينفي عنا ما يقول وينسبه البعض إلينا فجعل يريد المبالغة في نفي التشبيه والتجسيم، فقلت: ذكرت فيها في غير موضع من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل.
وقلت في صدرها: ومن الإيمان بالله؛ الإيمان بما وصف به نفسه في كتابه، وبما وصف به رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل.
ثم قلت: وما وصف الرسول به ربه من الأحاديث الصحاح التي تلقاها أهل المعرفة بالقبول وجب الإيمان بها كذلك. إلى أن قلت: إلى أمثال هذه الأحاديث التي يخبر فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم بما أخبر به، فإن الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة يؤمنون بذلك، كما يؤمنون بما أخبر الله في كتابه، من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، بل هم وسط في فرق الأمة، كما أن الأمة هي الوسط