في الأمم، فهم وسط في باب صفات الله بين أهل التعطيل الجهمية وبين أهل التمثيل المشبهة.
ولما رأى هذا الحاكم العدل ممالأتهم وتعصّبهم، ورأى قلة العارف الناصر وخافهم؛ قال: أنت صنفت اعتقاد الإمام أحمد، فتقول هذا اعتقاد أحمد؟ يعني والرجل يصنف على مذهبه فلا يعترض عليه، فإن هذا مذهب متبوع، وغرضه بذلك قطع مخاصمة الخصوم. فقلت: ما جمعت إلا عقيدة السلف الصالح جميعهم، ليس للإمام أحمد اختصاص بهذا، والإمام أحمد إنما هو مبلغ العلم الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، ولو قال أحمد من تلقاء نفسه ما لم يجيء به الرسول لم نقبله، وهذه عقيدة سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم.
وقلت مرات: قد أمهلت كل من خالفني في شيء منها ثلاث سنين، فإن جاء بحرف واحد عن أحد من القرون الثلاثة التي أثنى عليها النبي صلى الله عليه وسلم- حيث قال:"خير القرون القرن الذي بعثت فيهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم"- يخالف ما ذكرناه فأنا أرجع عن ذلك، وعلى أن آتي بنقول جميع الطوائف عن القرون الثلاثة يوافق ما ذكرناه، من الحنفية والمالكية والشافعية والحنبلية والأشعرية وأهل الحديث والصوفية وغيرهم.
وقلت أيضاً في غير هذا المجلس: الإمام أحمد رضي الله تعالى عنه لما انتهى إليه من السنة ونصوص رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر مما انتهى إلى غيره، وابتلي بالمحنة والرد على أهل البدع أكثر من غيره؛ كان كلامه وعلمه في هذا الباب أكثر من غيره، فصار إماماً في السنة أظهر من غيره، وإلا فالأمر كما قاله بعض شيوخ المغاربة العلماء الصلحاء، قال: المذهب لمالك والشافعي، والظهور لأحمد بن حنبل، يعني أن الذي كان عليه أحمد عليه جميع أئمة الإسلام، وإن كان لبعضهم من الزيادة أو البيان أو إظهار الحق ودفع الباطل ما ليس لبعض.
ولما جاء فيها: وما وصف به النبي صلى الله عليه وسلم ربه في الأحاديث الصحاح التي تلقاها أهل العلم بالقبول، ولما جاء حديث أبي سعيد- المتفق عليه في