للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقول: نعم، كان الشيخ أبو حيان من المثنين على ابن تيمية بالثناء الحسن الجميل، وله شعر جيد في مدحه نذكره في مناقبه المنقولة عن الشيخ مرعي الحنبلي١. وما ذكره من الرفض لم نعلمه ممن يوثق به، نعم ذكر الإمام الذهبي أنه بعد أن مدحه دار بينهما كلام، فجرى ذكر سيبويه، فأغلظ الشيخ ابن تيمية القول في سيبويه، فناظره أبو حيان بسببه، ثم عاد ذاماً له، وصيّر ذلك ذنباً لا يغفر.

ويقال: إن ابن تيمية قال له: ما كان سيبويه نبي النحو، ولا معصوماً، بل أخطأ في الكتاب في ثمانين موضعاً ما تفهمها أنت، فكان ذلك سبب مقاطعته إياه، وذكره في "تفسيره البحر" بكل سوء، وكذا في مختصره "النهر". انتهى ٢.

فمثن الممكن أن يقع بين العلماء مثل ذلك، ولكن من المعلوم أن طعن أبي حيان إنما كان بعد تخطئة ابن تيمية له والحط على سيبويه، وما ذكره النبهاني الجاهل أن رفضه كان بعد أن اطلع على بدعه قول ساقط، والسبب الذي كان من أجله المنافرة قد ذكره أهل العلم، وأي بدعة تنسب للشيخ تقي الدين حتى يهجره بسببها أبو حيان النحوي؟ وما ذهب إليه من الاختيارات كلها مبرهنة بالكتاب والسنة، كما في كتاب (الاختيارات) . ولكن النبهاني الجاهل الغافل ظن ذلك هيعة فطار إليها، ثم إن من مدح وذم فقد كذب مرتين، على أن قدح المعاصر معلوم حاله، والرجل ليس من أهل الجرح والتعديل حتى يعوّل عليه.

قال النبهاني: "ومنهم الإمام عز الدين بن جماعة رد عليه وشنّع عليه كثيراً".

جوابه: أن العز هذا كان من أعظم خصوم الشيخ وحسدته، وكانت أقواله في الشيخ تقي الدين وبهتانه عليه من أنكى سلاح ابن حجر المكي في الطعن على أهل


١ انظر "الشهادة الزكية في ثناء الأئمة على ابن تيمية" (ص ٣١- ٣٢) .
٢ انظر (دعوة شيخ الإسلام ابن تيمية وأثرها على الحركات الإسلامية المعاصرة وموقف الخصوم منها" للشيخ صلاح الدين مقبول أحمد- وفقه الله- (٢/٣٨٣- وما بعدها) .

<<  <  ج: ص:  >  >>