للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في العقيدة، ولكن إنما تعلقوا بما أجبت به في مسائل وله تعلق بما قد يفهمونه من العقيدة.

فأحضر بعض أكابرهم (كتاب الأسماء والصفات) للبيهقي رحمه الله تعالى، فقال: هذا فيه تأويل الوجه عن السلف، فقلت: لعلك تعني قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} ١. فقال: نعم، قد قال مجاهد والشافعي: يعني قبلة الله. فقلت: نعم هذا صحيح عن مجاهد والشافعي وغيرهما وهذا حق، وليست هذه آية من آيات الصفات، ومن عدها في الصفات فقد غلط كما فعل طائفة، فإن سياق الكلام يدل على المراد حيث قال: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} والمشرف والمغرب الجهات، والوجه هو الجهة، يقال أي وجه تريد: أيّ: أقي جهة، وأنا أريد هذا الوجه أي هذه الجهة، كما قال تعالى: {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا} ٢ ولهذا قال: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} أي تستقبلوا وتتوجهوا" انتهى.

هذا ما وجدناه منقولاً عمن نقل من خط المصنف شيخ الإسلام تقي الدين قدس الله روحه. وغرضنا من نقله أن يتبين للناظر في هذا الكتاب أن من ينقل عنهم الغبي النبهاني من مطاعن الشيخ كصدر الدين ابن الوكيل، وابن الزملكاني، وصفي الدين الهندي، والعز بن جماعة، والسبكي، ونحوهم من غلاة الشافعية، كلهم كانوا خصوماً ألدّاء للشيخ، فلا يلتفت إلى قدحهم وجرحهم. والشيخ قد كابد منهم ما كابد، وهؤلاء وأضرابهم الذين شيدوا أركان البدع، ونفثوا سم ضلالهم في أفواه متّبعيهم قاتلهم الله أجمعين، على أن ما ذكر في هذه المناظرة تنفع في مباحث كثيرة تأتي إن شاء الله، وبها يرتدع الخصم الألد.

قال النبهاني: "ومنهم الإمام أبو حيان وكان صديقاً له، فلما اطلع على بدعه رفضه رفضاً بتاً وحذّر الناس منه".


١ سورة البقرة: ١١٥.
٢ سورة البقرة: ١٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>