ليتقرب به إلى القاضي الذي حكى عنه هذا الكذب ويحظى لديه فخاب أمله ولم ينفق عنده، وقد كان هذا القاضي الذي جمع المعترض- أعني السبكي- كتابه هذا لأجله من أعداء الشيخ المشهورين، وقد زعم هذا المعترض أيضاً- مع هذا الأمر الفظيع الذي ارتكبه من التكذيب بالصدق، والتصديق بالكذب- أن الفتاوى المشهورة التي أجاب بها علماء أهل بغداد موافقة للشيخ مختلقة موضوعة، وضعها بعض الشياطين- هكذا زعم- مع علم الخاص والعام بأن هذه الفتاوى مما شاع خبرها وذاع، واشتهر أمرها وانتشر، وهي صحيحة ثابتة متواترة عمن أفتى بها من العلماء، وقد رأيت أنا وغيري خطوطهم بها، فانظر إلى تكذيب هذا المعترض بما لم يحط به علماً، وجرأته على إنكار ما اشتهر وتواتر، وكيف يحل لمن ينتسب إلى شيء من الدين أن ينسب أمراً مقطوعاً بكذبه إلى من لم يقله، ويقدح في أمر مشاهد مقطوع بصحته، ويزعم أنه مختلق من بعض الشياطين؟! هذه عثرة لا تقال وله مثلها كثيراً، ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور.
قال: فلما وقفت على هذا الكتاب المذكور وهو (شفاء السقام) أحببت أن أنبه على ما وقع فيه من الأمور المنكرة، والأشياء المردودة، وخلط الحق بالباطل، لئلا يغتر بذلك بعض من يقف عليه ممن لا خبرة له بحقائق الدين، مع أن كثيراً مما فيه من الوهم والخطأ يعرفه خلق من المبتدئين في العلم بأدنى تأمل ولله الحمد، ولو نوقش مؤلف هذا الكتاب على جميع ما اشتمل عليه من الظلم والعدوان والخطأ والخبط والتخليط والغلو والتشنيع والتلبيس لطال الخطاب، ولبلغ الجواب مجلدات، ولكن التنبيه على القليل مرشد إلى معرفة الكثير لمن له أدنى فهم، والله المستعان" انتهى.
وقال الحافظ أبو عبد الله أيضاً في موضع آخر من كتابه (الصارم المنكي) : "وقد سمعت أخا شيخ الإسلام يذكر هذا النص الذي حكاه القاضي إسماعيل في "المبسوط" عن مالك لهذا المعترض بحضرة بعض ولاة الأمر، فغضب المعترض - وهو السبكي- غضباً شديداً ولم يجبه بأكثر من قوله هذا كذب على مالك. فانظر إلى جرأة هذا المعترض وإقدامه على تكذيب ما لم يحط بعلمه بغير برهان ولا