للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بواحاً عندكم من الله فيه برهان"١. والأحاديث الصحيحة في هذا الباب كثيرة، ولم يقع خلل في دين الناس أو دنياهم إلا من الإخلال بهذه الوصية" انتهى.

وما كان من الحروب في نجد بين رؤسائهم أي ذنب لهم فيه، وهم لم يبدأوا أحداً بحرب ولا ضرب حتى يبدأ الغير به، فحينئذ يدافعون عن أنفسهم، ودفع الصائل مأمور به، فلم يحصل منهم ضرر على الشريعة بل هم أكثر المسلمين محاماة عليها كما سبق.

وأما سادساً: أن ما ينقل عن أهل نجد مما فعلوه بالحرمين لا أصل له كما لا يخفى على من طالع كتب تواريخهم، وفي كتاب (منهاج التأسيس في الرد على ابن جرجيس) وتتمته نبذة من ذلك، وجزيرة العرب تشمل الحرمين، بل هما الجزيرة بلسان الشرع، فلا وجه لعطف الجزيرة على الحرمين.

وأما قوله: ولذلك كان رضي الله عنه أشد أئمة المسلمين إنكاراً لبدع ابن تيمية إلخ.

فجوابه: إنا قد ذكرنا سابقاً أن ما كان منه من التهور والتجاوز على ابن تيمية اتباعاً لهواه، وابن تيمية من أعظم الناس اتباعاً للسنة وأكثرهم رداً للبدع، وقول النبهاني شبيه بقول إخوانه المشركين، ففي كتاب "شرح المسائل التي أبطلها الإسلام من خصال الجاهلية": تسميتهم أتباع الإسلام شركاً، قال تعالى: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَاداً لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ * وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} ٢.

أخرج ابن إسحق بسنده حين اجتمعت الأحبار من اليهود والنصارى من أهل نجران عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعاهم إلى الإسلام قالوا: أتريد يا محمد أن نعبدك كما تعبد النصارى عيسى ابن مريم؟ فقال رجل من أهل نجران- نصراني يقال له


١ أخرجه البخاري (٧٠٥٥، ٧٢٠٠) .
٢ سورة آل عمران: ٧٩- ٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>