هذه البدعة في العبادات البدنية المحضة كالصوم والصلاة والذكر والقراءة، بل لا تكون البدعة فيها إلا سيئة.
قال صاحب "مجالس الأبرار" ما ملخصه: لأن عدم وقوع الفعل في الصدر الأول إما لعدم الحاجة إليها، أو لوجود مانع، أو لعدم تنبه، أو لتكاسل، أو لكراهة، أو لعدم مشروعية. والأولان منتفيان في العبادات البدنية المحضة، لأن الحاجة في التقرب إلى الله تعالى لا تنقطع، وبعد ظهور الإسلام لم يكن منها مانع، ولا يظن بالنبي صلى الله عليه وسلم التنبه أو التكاسل، فذاك أسوأ الظن المؤدي إلى الكفر، فلم يبق إلا كونها سيئة غير مشروعة.
وكذلك يقال لك من أتى في العبادات البدنية المحضة بصفة لم تكن في زمن الصحابة، إذ لو كان وصف العبادة في الفعل المبتدع يقتضي كونه بدعة حسنة لما وجد في العبادات ما هو بدعة مكروهة، ولما جعل الفقهاء مل صلاة الرغائب والجماعة فيها، ومثل أنواع النغمات الواقعة في الخطب وفي الأذان، وقراءة القرآن في الركوع مثلاً والجهر بالذكر أمام الجنازة من البدع المنكرة، فمن قال بحسنها قيل له: ما ثبت حسنه بالأدلة الشرعية؛ فهو إما غير بدعة فيبقى عموم العام في حديث:"كل بدعة ضلالة". وحديث:"كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد"١ على حاله، أو يكون مخصوصاً من هذا العام، والعام المخصوص دليل فيما عَدَا ما خُصّ منه، فمن ادّعى الخصوص فيما أحدث أيضاً احتاج إلى دليل يصلح للتخصيص من كتاب أو سنة أو إجماع مختص بأهل الاجتهاد، ولا نظر للعوام ولعادة أكثر البلاد فيه، فمن أحدث شيئاً يتقرب به إلى الله تعالى من قول أو فعل فقد شرع من الدين ما لم يأذن به الله، فعلم أن كل بدعة في العبادات البدنية المحضة لا تكون إلا سيئة.
والحاصل أن كل ما أحدث ينظر في سببه؛ فإن كان لداعي الحاجة بعد أن لم