المشتمل على الغلو والالتجاء إلى غير الله مما يحفظه العوام الذين هم كالأنعام، ولا يدرون ما فيه مما يصادم دين الإسلام، وينشده المنشدون في المجامع، وقراءة مولد خير الأنام، وكان عنوان ما يعتقده ويدين الله به أن الاستغاثة بغير الله هي ركن الدين، ومدار توحيد المسلمين، وشتم ابن تيمية وتبديعه وتضليله، وتضليل من قال بقوله ومن انتصر له، ومن تعرض للرد على أقوال السبكي وابن حجر وسائر الغلاة.
وقد حشا كتابه من أوله إلى آخره بمثل هذا الهذيان، والزور والبهتان، وأبدى وأعاد في ذلك ليعظم حجم كتابه، وتطول متدرجات فصوله وأبوابه، ليتبجح به على أمثاله من العوام، ويفتخر على الجهلة الطغام، وقد تبين لي حاله من كتابه هذا وأنه رجل ممار عنود معجب بنفسه، منطو على حب البدع، مصر على تقليد الآراء الفاسدة، والأقوال الكاسدة، وأنه لا يفيد فيه كل كلام، ولا تؤثر فيه سهام الملام، وأرقام الأقلام، وأن جهله جهل مركب مع رعونة ونقصان عقل ودين، وقلة إيمان وعدم حياء، فهو لا ينتهي عن غيه، ولا يرتدع عن بغيه، ولا ينتهي عن جهله، ولسان حاله يقول:
لا أنتهي لا أنثني لا أرعوي ... ما دمت في قيد الحياة ولا إذا
ومن اليقين عندي أن الكلام معه سدى، والرد عليه يغريه على سلوك جادة الردى، والميل إلى الصد عن الهدى، ورأيته- مع ما هو عليه من العجب ومزيد الجهل والغباوة- مملوء الإهاب من الحسد من مفرقه إلى قدمه، وهكذا كان شأن اليهود مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد كفروا به حسداً من عند أنفسهم، والضالون قد تشابهت قلوبهم، ولولا حسده وتجهله لم يتطاول على "جلاء العينين" ومصنفه ذلك التطاول الشنيع، ويهذي بما هذى به من الكلام الفظيع، وإلا فما الباعث لكلامه هذا على مصنف "جلاء العينين" ووالده، وعلى الشيخ ابن تيمية وأصحابه، ومن اليقين أنه لم يتهور هذا التهور على من طوى بساط الإسلام، وهد ركن الدين، وهدم بنيان قواعد المسلمين، بل أبدى له العذر وحمل ذلك على المقاصد الحسنة الخيرية