للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم إنه هذى بما هذى, ثم قال: ويا ليت شعري كيف اختار لنفسه ولأبيه- بمقتضى ما نقل عن تفسيره "روح المعاني "- منابذة جمهور الأمة المحمدية، وما اتفق عليه أئمتها وعلماؤها- في جميع هذه الأعصار المتطاولة، من أمر الزيارة والاستغاثة، حتى صار من الأمور المعلومة بالضرورة، مع كونه هو الذي يليق بما يجب للنبي صلى الله عليه وسلم من التعظيم والتوقير، ولا عبرة بما قاله ابن تيمية وطائفته الوهابية، ومن شاكلهم من شذاذ المذاهب من منع ذلك، لما توهموه وتخيلوه من المحاذير التي لا تخطر عند الزيارة والاستغاثة ببال أجهل الجاهلين فضلاً عما فوقه من اعتقاد الألوهية فيمن يزورونه أو يستغيثون به، مع أن بدعة هؤلاء فيها من سوء الأدب في جانبه صلى الله عليه وسلم ما لا يخفى على من في قلبه أدنى نور، هذا لعمري مما لا يختاره عاقل لأخيه فضلاً عن نفسه وأبيه، وقد لعمري آذى أباه وعقه بتلك النقول التي كان الناس عنها في غفلة، لأنها مفرقة في تفسيره فجمعها في هذه المسائل في كتابه هذا مفتخراً بها، ومثبتاً عند السيد صديق حسن خان وطائفته أن أباه كان أيضاً على مذهبهم ومشربهم في ذلك.

وقد سمعت بسبب هذا من بعض علماء مكة المشرفة كلاماً فظيعاً في حقه وحق أبيه، ولما كان قد أظهر تحامله في كتابه هذا على أهل السنة ومذهبهم- ولاسيما الإمام السبكي وابنه وابن حجر- وبالغ في التعصب بمدح ابن تيمية ومذهبه وكل من كان على شاكلته؛ رأيت أن أذكر هنا الفرق بين ابن تيمية وابن حجر، ليظهر لكل أحد أنه حكم لابن تيمية بالباطل.

انتهى كلام النبهاني فيما قاله في شأن "جلاء العينين" وقد نقلته كله- وإن كان في نقله تضييع للقرطاس والمداد- لأن القصد مناقشته في جميع كلماته، وبيان ما اشتمل عليه من عواره وغلطاته.

اعلم أن جميع ما ذكره النبهاني في هذا الفصل قد تكرر غير مرة، غير أنه لما كان خالياً عن الفهم فارغاً عن العلم والفضل؛ أراد أن يتطفل على المؤلفين بتأليف كتاب، وكان مبلغ علمه ومنتهى كمالاته المباحث المتعلقة بزيارة القبور، والشعر

<<  <  ج: ص:  >  >>