الصنيع- من قبيح التشنيع والتقريع- الإمام تقي الدين السبكي، حتى أنه لم يعبّر عنه بلفظ الإمام ولا بلفظ شيخ الإسلام، بل إما أن يقول قال السبكي، أو القاضي السبكي، وهو في الحقيقة المستحق للقب شيخ الإسلام، لأنه كان قاضي قضاة الشام- مع كونه من أئمة العلماء الأعلام- ولقب شيخ الإسلام إنما كانوا يلقبون به قاضي القضاة١، فابن تيمية بحسب هذا الاصطلاح لا يستحق لقب شيخ الإسلام وإن كان من أكابر شيوخ المسلمين وأئمة العلماء الأعلام، وهو رجل مطعون في عقيدته باعتقاد الجهة فضلاً عن بدعته المتعلقة بالزيارة والاستغاثة، والسبكي هو بالاتفاق من أئمة أهل السنة والجماعة ومن أفضل أئمة الإسلام، وابنه تاج الدين هو الإمام ابن الإمام باتفاق العلماء الأعلام، فما الذي حمل مصنف "جلاء العينين" على معاملتهما أسوأ المعاملة والميل كل الميل مع ابن تيمية، وذلك دليل على أنه من أهل البدعة لا من أهل السنة، والأرواح جنود مجندة، فروحه هي من أجناد روح ابن تيمية، فلا تأتلف مع أرواح هؤلاء الأئمة الأعلام، ولذلك كان منه في حقهم ما كان مع كونهم في جانب تعظيم جده الأعظم صلى الله عليه وسلم وإمامه ابن تيمية بعكس ذلك، ولكن الشرف والحسب لا يغني عن العلم والأدب.
إلى أن قال: ومصنف "جلاء العينين" لم يحكم لابن تيمية فقط بل حكم لجميع الوهابية، وليس، حكمه على ابن حجر فقط والسبكي وابنه بل على جميع أهل السنة والجماعة من الشافعية، والحنفية، والمالكية، وجمهور الحنابلة أيضاً، ومن طالع كتابه هذا بإنصاف يعلم يقيناً أنه أخطأ فيه أفحش الخطأ في حق نفسه وأبيه والمسلمين عموماً وسيد المرسلين خصوصاً، وأنه لوث نفسه بأقذار البدع الوهابية التي لا يغسلها عنه بحار الدنيا إلى يوم القيامة، وكما آذى نفسه بذلك أشد الأذى آذى كل من اطّلع على كتابه من المسلمين من أهل المذاهب الأربعة- حتى المنصفين من الحنابلة- بذمهم إياه وخوضهم في عرضه ما بقيت الدنيا وبقي فيها هذا الكتاب.
١ انظر عن هذا اللقب "معجم المناهي اللفظية" (ص ٤٣٣) .