للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك الضرر، لتمييزهم بين خطأ ابن تيمية وطائفة الوهابية وصواب السبكي وابن حجر وجمهور الأمة المحمدية، وتفريقهم بين ما خلط فيه مؤلفه من الحق والباطل، والمحلى والعاطل، فلا ينخدعون بما جمعه فيه من زخارف الكلام، وبهارج الأوهام، التي زعم بها أن زلاّت ابن تيمية هي ما كان عليه السلف الصالح من أئمة الإسلام، ومع ذلك فالأولى بل الصواب للعلماء أيضاً الإعراض عنه، وعدم مطالعة شيء منه إلا للرد عليه، وبيان ما حواه من الخطأ الفاحش والتعصب الشديد ضد العلماء العاملين، هداة الأمة، ومصابيح الملة، كالأئمة الثلاثة: ابن حجر، والسبكي، وابنه تاج الدين وترجيحه لكثير مما يخالف عقائد بجمهور المسلمين، كمسألة الاستغاثة والزيارة، والقول بالجهة، وغير ذلك مما خلط فيه، ولا يقدر على تمييزه إلا العلماء الأعلام، ويخشى من مطالعته وقوع الخلل في عقائد الطلبة القاصرين والعوام.

قال: وأنا والله في حيرة من أمره، إن قلت إن ذلك اعتقاده يعارضني أني أعرفه أنه حنفي المذهب، من عائلة علم وسيادة في بغداد، كلهم من أهل السنة والجماعة، وأن ما اعتمده في هذا الكتاب- مما أيد به زلاّت ابن تيمية- هو مذهب الوهابية لا مذهب الحنفية، ولا مذهب آبائه وأجداده السادات الشافعية، وإن قلت إن ذلك ليس اعتقاده الحقيقي وإنما تظاهر به خدمة لصديق حسن خان الوهابي- الشهير، ملك بهوبال في الهند صاحب التآليف المشهورة- فهذا لا يليق بمثله، وإن كان هو الظاهر من محرراته ومراسلاته، ألا ترى أن كتابه المسمى "بغالية المواعظ" لما ألفه بعد "جلاء العينين" تجده قد زيّنه بالنقل عن كتب العلاّمة ابن حجر "كالزواجر، والصواعق" ونحوهما، ولم ينقل إلا نادراً عن ابن تيمية، والله أعلم بحاله في هذا الكتاب من القصد والنية، ولست أعترض عليه بإجابته عنه أن بعض الأقوال التي نقلها ابن حجر واعترض عليها لم تصح نسبتها إليه، واستشهد على ذلك بعبارات صحيحة أو غير صحيحة، فهذا لا مانع منه وهو حسن، ولكنه لم يقتصر على ذلك بل شنّع على ابن حجر بألفاظ لا يحسن استعمالها في حق بعض طلبة العلم فضلاً عن إمام كبير من أئمة الدين وكذلك عامل بسوء هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>