المنصفين منهم طافحة بالثناء عليه، إلا ما كان من بعض خصومه وحسدته، كالسبكي وأضرابه، ومن قلدهم في غيهم وضلالتهم من الغلاة، كما سنذكر تفصيل ذلك في الكلام على مناقبه إن شاء الله.
ومنها أنه قال: وهذا الكتاب من أضر الكتب على. من ما اطلع عليه من عوام المسلمين والطلبة القاصرين، فيجب أن يعاملوه معاملة الكتب المخالفة لمذاهبهم المكدرة لمشاربهم.. إلخ.
فيقال له: هذا كلام فاسد، قد بعثه علية حسده وحبه لهواه وضلاله وغيه, فإن كتاب "جلاء العينين" جلاء عيون الموحدين، وبهجة قلوب المؤمنين، كم من منشد وجد به ضالته، وكم من حيران أنس به هدايته، وكم من مسلم قد انتفع به، وكم من منصف عرف الحق بسببه، فهو الكتاب الذي راق لفظه ومعناه، وفاق ما سواه بمفهومه وفحواه، إذا أمعن ناقد النظر فيه شاهد منه حديقة يانعة تفوح فوائح ثراها كالمسك الأذفر، كأنها جونة عطار، وتخيله روضة رائقة تتأرج بروائح الند والعنبر، كأنها لطائم تجار، فاجتنى من بدائع معانيه زهر المروج وأنوار الربيع، واجتلى من روائع مبانيه زهر البروج وأزهار المرابيع، رائق ألفاظه أرق بل وأروق من مروقات السلاف، ورواشق تعبيراته تروح الأرواح وتهز الأعطاف، كالشهد ريقه، والنسيم رقه، واللطف على الحقيقة.
رق لفظاً فقيل خمر حرام ... راق معنى فقيل سحر حلال
فجزى الله مؤلفه أحسن الجزاء، مما أعده لأهل طاعته المتّبعين لشريعته من الأصفياء، حيث لم يأل جهداً في تأليف هذا الكتاب، المشتمل على فصل الخطاب لدى ذوي الألباب، ولم يقصر نصحاً في ترصيف أبواب تبهر المتقدم والمتأخر من ذوي الكمالات والآداب، وأودعه نكتاً لطيفة تفوق بسناها على بدر التمام، ورصعه بفرائد تزهو في الاتساف وتروق في الانتظام.
في بطن قرطاس رخيص ضمنت ... أحشاؤه درر الكلام الغالي
فلله در مؤلفه من عالم أبدع، وفاضل أعلن بالحق وصدع، وهذب فذهب،