وبوب فرتب، أخذه ذهباً فغدا يتوقد لهباً، وتناوله قبساً فتجلى في طر البلاغة شهباً، وزاد في حسن سبكه فهزت أعطاف ناظريه طرباً، إلى آخر ما وصفه به بعض الأفاضل حين قرظه أكابر الأماثل.
وقد أثنى محلى كتاب "جلاء العينين" وقرظه جماعة من أعيان المذاهب الأربعة المعاصرين للمصنف رحمهم الله تعالى، ولا بأس أن نذكر من كلام بعضهم نبذاً يتحلى بها وبنفائس دررها جيد هذا الكتاب، فأقول ومن الله أستمد التوفيق والإعانة:
ممن أثنى على كتاب "جلاء العينين" علامة المنقول والمعقول، وفهامة الفروع والأصول، خاتمة الأدباء، وتذكرة فحول الشعراء، فريد عصره، ووحيد دهره، الذي طار صيت مجده في الآفاق، وأشرقت شمس فضله في الحجاز والعراق، أحمد باشا الفاروقي الموصلي، طيب الله تعالى ثراه بعطر رضوانه الجلي، وقد قرظ "جلاء العينين" بتقريظ هو لدى الأدباء قرة عين، وهو تقريظ نفيس، يفعل بالألباب ولا فعل الخندريس، وذلك قوله- لا زال في بحبوحة الجنان مسكنه ومحله:
بجلاء العينين كحلت عيني ... وأجلت الأفكار في الأحمدين
فرأيت الصواب ما قد حكاه ... نص هذا الكتاب من غير مين
قد حوى في أصدافه خير در ... فتراءت أوراقه من لجين
وكذاك الأشياء يظهر فيها ... رونق الحسن جامع الضدين
أوضح الحق لدى كل راء ... وجلا عن عيونه كل غين
وخصوصاً قد باعد البحث منه ... بين من يدّعي الضلال وبيني
فلنا بالنعمان خير اتباع ... ثابت الأصل محكم الطرفين
كم جلا الشك عن جليلين كانا ... في سماء العلوم كالنيرين
خدمة ساقها لأجل رضى اللـ ... ـه ونفى الظنون عن هذين
نسج الفكر منه حسن ثياب ... لبستها مناكب الشيخين
حاكها بالأفكار علماً فليست ... وشى صنعاً يحوكها باليدين