فؤادي، وطرد لذيذ رقادي، وأحدث لي حزناً ملازماً، وهماً مداوماً، إلى أن قلت: وقد كان المشار إليه لا زالت سحب الرحمة والمغفرة منهلة عليه، رجال الدنيا، وواحدها، وعضدها وساعدها وسيدها وماجدها:
وما كان أبهى منه في الناس منظراً ... ولا كان أذكى منه في الناس مخبرا
تفقدت منه وابل القطر ممطراً ... وفارقت منه طلعة البدر نيرا
لئن غيبوه في التراب وأظلمت ... معالم كانت تفضح الصبح مسفرا
فما أغمدوا في الترب إلا مهنداً ... ولا حملوا في النعش الأغضنفرا
ثم ذكرت كلاماً طويلاً في الثناء علية وعقبته بقولي: وقد كان رحمه الله تعالى حسنة الزمان، وعين الأعيان، وركن الأدب العالي على الأركان، كمالاته كثيرة، وفضائله شهيرة، له ديوان شعر رائق ومقالات ثن النثر الفائق:
له الكلمات الجامعات تخالها ... نجوماً بآفاق البلاغة طلعا
وان كتبت أقلامه فحمائم ... تبث إلى السمع الكلام المسجعا
وكتب لدين الله أضحت مطالعا ... كما كانت الأفلاك للشمس مطلعا
إذا ضلت الأفهام عن فهم مشكل ... هدى وعليه في الحقيقة أطلعا
وإن قال قولاً فهو لا شك فاعل ... قؤول من الأمجاد إن قال أبدعا
كلام ترى لأقلام في الطرس سجداً ... له وترى أهل الفصاحة ركعا
يحير أرباب الرجال كأنما ... أتانا بإعجاز من القول مصقعا
وكان عليه الرحمة حنفيّ المذهب، سلفيَّ العقيدة، أفعاله وأعماله كلها سديدة، وبقي كلام طويل، وثناء جميل، أعرضنا عن نقله، وتركناه لأهلة.
وممن قرظ الكتاب وأثنى عليه خاتمة بني الآداب، ومن أنقذ- برشاء تقريراته من جب العويصات- هلكى الطلاب، تذكرة الأصمعي وابن دريد، وسيبويه الثاني وأبو عبيد، المفتي في المذهب الحنفي في البصرة، أحمد بك الشاوي الشافعي الحميري تغمده الله تعالى برحمته، وأسكنه بحبوحة جنته، وذلك قوله دام فضله: