للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طلبني سنة إحدى وستين ومائتين وألف من والدي مرة ثانية لأجل الإقامة عنده، فتوجهت إلى بغداد وكانت إذ ذاك غاصة بالفضلاء والعلماء والأدباء- فتخرجت عليه في فنون الشعر وعلم الأدب، وطرت بجناح فضله، واستسقيت من هطال وبله، وفي غضون ذلك قرأت- تبركاً- شرح الشمسية للقطب ابن عقيل، على خاتمة المفسرين وعلامة العلماء المحققين أبي الثناء شهاب الدين السيد محمود الألوسي، مفتي الزوراء، ومرجع الفضلاء- قدس الله روحه، وتغمده برحمته ورضوانه- وقرأت أيضاً كتاب "تشريح الأفلاك " على الفاضل الشيخ أحمد السندجي نزيل بغداد، وأتقنت اللغة الفارسية على ولده الفاضل الشيخ طه أفندي، ولم أزل عند العم في بغداد إلى السنة التاسعة والستين بعد المائتين والألف، وفيها دخلت مسلك خدمة الدولة العلية العثمانية، ولم أزل متقلباً في البلاد بمناصب مختلفة، حتى أصعدني أمير المؤمنين، وخليفة رب العالمين١- السلطان عبد الحميد خان- إلى رتبة مير ميران، وها أنا اليوم في الآستانة ضيف حظيرته، ونزيل سدته، داعياً له بالدوام، على مدى الأيام ". انتهى كلامه.

وقلت في كتاب "بدائع الإنشاء"- فيما كان من مكاتبتي مع مشاهير الأدباء، من كلام في ترجمة هذا الأديب الفاضل-: وفي شهر رمضان سنة عشر بعد الثلاثمائة والألف من الهجرة النبوية: نعاه لنا الناعي من إسلامبول دار السلطنة العثمانية، وأن روحه الشريفة انتقلت إلى الجنان، ودار الرحمة والرضوان ٢، في أواسط ذلك الشهر مهبط الغفران، وأرخ وفاته بعض الأدباء بقوله من أبيات:

أدخلوه الجنان أحمد عزت ... فهناك لوت ساعد عزمي يد نيران اللهف

وفلَّ أركان صبري ماقا ... سيته من الأسى والأسف

ونفذ من قضاء الله تعالى فيه:، ما أمض قلبي، وأرضّ لبي، وقطع نياط


١ انظر عن هذا اللفظ "معجم المناهي اللفظية" (ص ٢٥٢) .
٢ هذا الكلام من المؤلف غير صحيح؛ لأنه لا يعلم الغيب إلا الله عز وجل، ولا يجوز الحكم لمعين بالجنة أو النار إلا لمن شهد الله ورسوله له بذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>