للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ينقله بعد ذلك درجة أخرى إلى أن يتخذ قبره وثناً يعكف علية، ويوقد علية القنديل، ويعلق عليه الستور، ويبني عليه المسجد، ويعبده بالسجود له والطواف به، وتقبيله واستلامه، والحج إليه والذبح عنده، ثم ينقله درجة أخرى إلى دعاء الناس إلى عبادته، واتخاذه عيداً ومنسكاً، وأن ذلك أنفع لهم في دنياهم وآخرتهم.

وأبعد المراتب المبتدعة- عند القبور- عن الشرع أن يسأل الميت حاجة ويستغيث به فيها، كما يفعله كثير من الناس، وهم من جنس عبدة الأصنام، ولهذا قد يتمثل لهم الشيطان كما يتمثل لعباد الأصنام، وهذا يحصل للكفار من المشركين وأهل الكتاب، يدعو أحدهم من يعظمه فيتمثل له الشيطان أحياناً، وقد يخاطبهم ببعض الأمور الغائبة، وكذا السجود للقبر والتمسح به.

وفي كتاب "الطريقة المحمدية" للإمام محمد البركوي- وكان من أكابر علماء الحنفية الأتراك- شيء كثير من هذا القبيل، وكذلك فيما ذكره في رسالته المؤلفة في زيارة القبور، فإنها تشفي العليل وتروي الغليل، وتحق الحق، وتبطل الأباطيل.

في كتاب "الفتاوى البزازية"- وهو من أجل كتب الحنفية قدس الله أرواحهم الزكية-: من قال إن أرواح المشايخ حاضرة تعلم يكفر.

وقال الشيخ صنع الله الحلبي الحنفي- في كتاب "الرد على من ادّعى أن للأولياء تصرفات في الحياة وبعد الممات على سبيل الكرامة"-: هذا وإنه قد ظهر الآن فيما بين المسلمين جماعات يدّعون أن للأولياء تصرفات في حياتهم وبعد مماتهم، ويستغاث بهم في الشدائد والبليات، وبهممهم تكشف المهمات، فيأتون قبورهم وينادونهم في قضاء الحاجات، لمستدلين على أن ذلك منهم كرامات، وقالوا منهم أبدال ونقباء، وأوتاد ونجباء، وسبعون وسبعة، وأربعون وأربعة، والقطب هو الغوث للناس، وعليه المدار بلا التباس، وجوزوا لهم الذبائح والنذور، وأثبتوا لهم فيهما الأجور، قال: وهذا الكلام فيه تفريط وإفراط، بل فيه

<<  <  ج: ص:  >  >>