الغلاة١، ومثل ذلك كتب الشافعية، والمالكية وغيرهم، ومن مشهور مذهب أهل المدينة سد الذرائع والبدع، وقد ذكر علماء السادة الحنفية في مسألة الإقسام على الله بمخلوق ما تقر به عين الموحد، فإن شأن الله أعظم من أن يقسم عليه أو يسأل بأحد من خلقه، وقد أنكر أئمة الإسلام ذلك، فقال أبو الحسين القدوري في شرح كتاب الكرخي: قال بشر بن الوليد سمعت أبا يوسف يقول: قال أبو حنيفة: لا ينبغي لأحد أن يدعو الله إلا به، قال: وأكره أن يقول بحق فلان، وبحق أنبيائك ورسلك، وبحق البيت الحرام، وأكره أن يقول أسألك بمعقد العز من عرشك. قال أبو الحسن: أما المسألة بغير الله فمنكرة في قولهم، لأنه لا حق لغير الله عليه، وإنما الحق لله على خلقه، وأما قوله بمعقد العز من عرشك فكرهه أبو حنيفة ورخص فيه أبو يوسف، قال: وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا بذلك، قال ولأن معقد العز من العرش إنما يراد به القدرة التي خلق الله بها العرش مع عظمته فكأنه سأله بأوصافه.
وقال ابن بلدجي في، "شرح المختار": ويكره أن يدعو الله تعالى إلا به، فلا يقول أسألك بفلان أو بملائكتك أو بأنبيائك ونحو ذلك، لأنه لا حق للمخلوق على خالقه، أو يقول في دعائه أسألك بمعقد العز من عرشك، وعن أبي يوسف جوازه، وما يقول فيه أبو حنيفة وأصحابه أكره كذا هو عند محمد حرام، وعند أبي حنيفة وأبي يوسف هو إلى الحرام أقرب، وجانب التحريم عليه أغلب.
وفي فتاوى أبي محمد بن عبد السلام؛ أنه لا يجوز سؤال الله سبحانه بشيء من مخلوقاته لا الأنبياء ولا غيرهم، وتوقف في نبينا صلى الله عليه وسلم لاعتقاده أن ذلك جاء في حديث وأنه لم يعرف صحة الحديث.
فإذا قرر الشيطان عنده أن الإقسام على الله به والدعاء به أبلغ في تعظيمه. واحترامه وأنجع في قضاء حاجته نقله درجة أخرى إلى دعائه نفسه من دون الله، ثم
١ انظر "أصول الدين عند الإمام أبي حنيفة" للشيخ الفاضل محمد الخميس- حفظه الله- طبع دار الصميعي بالرياض.