للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والآية الأخرى دلت على أن اليهود والنصارى لا يرضون عن الرسول صلى الله عليه وسلم ومن آمن به، حتى يتبعون ضلالهم وغيهم الذي قامت الحجة على فساده، ودل البرهان على بطلانه، وهم لا ينظرون إلى ما يدل عليه الدليل، بل قلّدوا فيما هم عليه آباءهم، فأخبر اللهُ رسولَه صلى الله عليه وسلم أنه إن اتبع أهواءهم بعد ما حصل له من العلم واليقين- بأن ما هو عليه هو الحق وما عليه المخالفون هو الباطل- لم يكن له معين ولا ناصر، ولا ملجأ ولا وزير يدفع عنه ما يستحقه المعرضون عن الحق والزائغون عن الصراط المستقيم. وهكذا النبهاني لا يرضى عن كل من خالف باطله وضلاله، واتبع الحق الصريح الذي دل عليه كلام الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم من وجوه كثيرة، حتى يتّبع إلحاده وزيغه الذي دل على فساده ما يزيد على ألف دليل، مع أن الحق أحق بالاتباع، ورضى الله ورسوله مقدم على رضى أعدائه وخصوم دينه، فلا بدع إذا شتم النبهاني أهل الحق وعبر عنهم بالعبارات الفظيعة، فإن له سلفاً بذلك، ولله در من قال:

إذا رضيت ص عني كرام عشيرتي ... فلا زال غضباناً عليّ لئامها

الوجه الرابع: أنه قال: والأرواح جنود مجندة، فروحه هي من أجناد روح ابن تيمية فلا تأتلف مع أرواح هؤلاء الأئمة الأعلام، ولذلك كان منه في حقهم ما كان مع كونهم في جانب تعظيم جده الأعظم صلى الله عليه وسلم، وإمامه ابن تيمية بعكس ذلك، ولكن الشرف والحسب لا يغني عن العلم والأدب ... إلى آخر عبارته التي لا يتكلم بمثلها صغار الطلبة.

فنقول: إن ما ذكره في هذا المقام كلمة حق أريد بها باطل، وذلك أن الله

تعالى قال {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً * ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيماً} ١.

ومعنى الآية على ما في التفسير: ومن يطع الله بالانقياد لأمره ونهيه،


١ سورة النساء: ٦٩-. ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>