للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا مما كان يعتقده مصنف "جلاء العينين" منذ ميز بين اليمين والشمال، وعرف الحرام من الحلال، إلى أن وضع في لحده، وهي بعض من عقيدة صنفها والده صاحب التفسير الشهير رحمه الله تعالى، فما الذي سوغ للنبهاني وأحل له أن يجعل من يعتقد هذه العقيدة من المبتدعة، ثم ما كفاه ذلك حتى حلف يميناً، وقال: إن صاحب "جلاء العينين" ليس من أهل السنة بل هو والله من أهل البدعة بسبب انتصاره لابن تيمية وعدم تجويزه الاستغاثة بغير الله ودعاء المخلوقين؟! وقد حنث في يمينه ووجب عليه الكفارة إن كان من أهل الإيمان والأيمان، مع أن ما هو عليه من الضلال البعيد، والغيّ الذي ليس عليه من مزيد، وما دل عليه شعره من غلوه وإلحاده،. ومسلكه الذي هو سالك فيه مدة حياته وعليه يموت، ينادي كل ذلك بأفصح لسان، على أنه قد خرج عن ربقة الإيمان، ومع ما هو عليه قد فتح فاه في ثلب أهل التوحيد، كالكلب عند التثاؤب وشتم خيار عباد الله، فسبحان إله الخلق ما أحلمه، وما أجل شأنه وأعظمه.

الوجه الثالث أن من سلف من إخوانه كانوايقولون مثل مقالته، ويعتقدون أن ما هم عليه هو الحق، قال تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ} ١الآية، وقال: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ} ٢. أخبر سبحانه في الآية الأولى أن كلاًّ من اليهود والنصارى يزعمون أنهم على الحق دون غيرهم من غير دليل ولا تحكيم للعقل تقليداً لأسلافهم، وهم يتلون الكتاب، وفيه أن الحق ما قام عليه الدليل واقتضاه البرهان، لا أنه بالدعاوي الكاذبة، وهكذا النبهاني وأضرابه من الغلاة يعتقدون أن الحق ما تلقوه عن أسلافهم، وما ورثوه عن مشايخهم وإن قام الدليل على خلافه.


١ سورة البقرة ١١٣.
٢ سورة البقرة: ١٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>