للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على إلقاء نفسه في هذه المهالك، وقاده إلى هذه المعارك، وما أحسن ما قال القائل:

ولقد أقول لمن تحرش بالهوى ... عرضت نفسك للبلا فاستهدف

وقال آخر:

أقول لمحرز لما التقينا ... تنكب لا يقطرك الزحام

ثم إن قوله: مع كونهم في جانب تعظيم جده.. إلخ.

جوابه: أن تعظيم جده إنما يكون بالذب عن شريعته، والمحافظة على سنته لا بمخالفته فيما أمر به ونهى عنه، فهذا هو العصيان وعدم المحبة، قال الله تعالى {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} ١. وتعظيمه وتوقيره إنما يكون بالإتباع لا بالابتداع، ولا بمخالفة ما جاء به هو وغيره من الأنبياء والرسل عليهم السلام من المحافظة على التوحيد وعدم إثبات خصائص الألوهية لغير الله، ألا ترى أن الفاطميين من العبيديين كانوا يزعمون أنهم من العترة فلما أحدثوا ما أحدثوا وابتدعوا ما ابتدعوا خرجوا عن دينه وصاروا من أعدائه بسبب الإعراض عن شريعته، على أن الحق يقبل من أي شخص كان، فالنظر إلى ما قاله القائل لا إلى القائل، ومما ينسب إلى الإمام علي كرم الله وجهه: لا تنظر إلى من قال وانظر إلى ما قال. والله عز اسمه يقول: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} ٢.

فالبيت الذي أورده هو صادق عليه لا على مصنف "جلاء العينين" فقد كان رحمه الله هاشمياً علماً وعملاً وقولاً وفعلاً.

وباهلة من قيس عيلان، وهو في الأصل اسم امرأة من همدان كانت تحت معن بن أعصر بن سعد بن قيس عيلان فنسب ولده إليها، وقولهم باهلة بن أعصر،


١ سورة آل عمران: ا ٣.
٢ سورة الحجرات: ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>