للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلقد رأيت رجلاً منهم أخذ بمجمع ردائه وقام أبو بكر الصديق دونه يقول- وهو يبكي- أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله؟ ثم انصرفوا عنه١.

وعن الربيع بن أنس رضي الله تعالى عنه قال: "أراد صاحب اليمن أن يؤوي النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه الوليد فزعم أن محمداً ساحر، وأتاه العاص بن وائل فأخبره أن محمداً تعلم أساطير الأولين، وأتاه آخر فزعم أنه كاهن، وآخر أنه شاعر، وآخر زعم أنه مجنون، فأهلكهم الله، كل منهم أصابه عذاب سوى عذاب صاحبه" وذكر تفصيل عذابهم.

والكلام على ما كابد رسول الله صلى الله عليه وسلم من قريش وغيرهم من مشركي العرب مذكور في غير هذا الموضع، وقد نصره الله عليهم، وانتقم منهم كما ينتقم من أعداء ورثته والعاملين بسنته ويهلك خصومهم، كالنبهاني وغيره من الغلاة الذين هم على طريقة أسلافهم عبدة الأصنام، وعلى مسلكهم المذموم، وفي كتب السير قد بين ما أصاب أعداء الرسول من البلاء المبين، قال الشيخ قد كتابه (الجواب الصحيح٢: "ويدخل في هذا الباب ما لم يزل الناس يرونه ويسمعونه من انتقام الله ممن يسبه ويذمه ويذم دينه بأنواع من العقوبات، وفي ذلك من القصص الكثيرة ما يضيق هذا الموضع عن بسطه، وقد رأينا وسمعنا من ذلك ما يطول وصفه؛ من انتقام الله ممن يؤذيه بأنواع من العقوبات العجيبة، التي تبين كلاءة الله لعرضه، وقيامه بنصره، وتعظيمه لقدره، ورفعه لذكره، وما من طائفة من الناس إلا وعندهم من هذا الباب ما فيه عبرة لأولى الألباب. قال: ومن المعروف المشهور المجرّب عند عساكر المسلمين بالشام إذا حاصروا بعض حصون أهل الكتاب أنه يتعسر عليهم فتح الحصن ويطول الحصار إلى أن يسب العدو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحينئذ يستبشر المسلمون بفتح الحصن وانتقام الله من العدو، فإنه يكون ذلك قريباً، كما قد جربه المسلمون غير مرة، تحقيقاً لقوله تعالى: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} . ولما مزق كسرى كتابه مزق الله ملك الأكاسرة كل ممزق،


١ أخرجه البخاري (٢٨٥٦) وأحمد (١/١٠٤) .
(١/١٩٥-١٩٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>