للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحنابلة، وطالعتها كلها فلم أر فيها شيئاً مما ينبذ ويرمى به في العقائد سوى ما ذكرنا من تشديده في رد التأويل، وتمسكه بالظواهر مع التفويض والمبالغة في التنزيه، مبالغة يقطع معها بأنه لا يعتقد تجسيماً ولا تشبيهاً، بل يصرح بذلك تصريحاً لا خفاء فيه، والعجب ممن يترك صريح لفظه بنفي التشبيه والتجسيم ويأخذ بلازم قوله الذي لا يقول به ولا يسلم لزومه، وعلى كل حال فهو كما قال كثير من المشائخ في الشيخ محيي الدين، قال سيدنا العلامة الشيخ عبد الله بن محمد العياشي وكثيراً ما كنت أسمع من شيخنا العلامة سيدي عبد القادر رضي الله تعالى عنه يقول: محكم كلامه يقضي على متشابهه، ومطلقه يرد إلى مقيده، ومجمله إلى مبينه، ومبهمه إلى صريحه، كما هو شأن كل كلام ظهرت عدالة صاحبه.

فالحنابلة مبرؤون مما نسب إليهم، وكذا الأشعرية أيضاً منزهون مما يرمون به من التعطيل والتحريف لكلام الله تعالى عن مواضعه، والكل على هدى يدينون دين الحق، والمخالفون شرذمة قليلة لا يعبأ بهم، كما قال الشيخ تاج الدين السبكي في كتابه "معيد النعم ومبيد النقم". ثم نقل كلامه إلى آخره، انتهى كلام الكوراني.

وقال بعد أن فرغ عق نقلة: وأقول من أراد أن يشرح صدره، ويتبين له تبيناً لا مراء فيه صحة مذهب الأشعرية، وأنه مذهب أهل السنة والجماعة؛ فليطالع كتاب الإمام أبي القاسم ابن عساكر المسمى "بتبيين كذب المفتري فيما نسب إلى أبي الحسن الأشعري" فقد أتى فيه من أدلة الكتاب والسنة وأقاويل السلف والخلف مالا يمتري معه عاقل خال من التعصب أنه إمام السنة ورئيس الجماعة المضمون لها العصمة من الله تعالى.

ثم نقل صاحب "روح المعاني" في رسالته كلام الكوراني في الثناء على عقائد الأشعري وأنه على ما عليه السلف، وأطال الكلام في ذلك إلى أن قال: ولولا خوف السآمة وحذر الملامة لأتيت في هذا المقام بما يبرىء الكلام، ويروي الأوام، ولكن ما كل ما يعلم يقال، ولكل زمان دولة ورجال، بل لعمري فيما

<<  <  ج: ص:  >  >>