ذكرنا كفاية للمسترشدين، وهداية للمستهدين، وأما الذين هووا في مهاوي الجهل، وعقلوا بعقال الحسد والتعصب عن التمسك بزمام العقل، واشتغلوا بالأغراض واغتروا بالأعراض، فلا ينفعهم اختصار ولا إطناب، ولا كتاب ولا خطاب، فليس لدائهم من دواء إلا السيف والدعاء.
الحمد لله هذي العين لا الأثر ... فما الذي باتباع الحق ينتطر
وقت يفوت وأشغال معوقة ... وضعف عزم ودار شأنها الغير
والناس ركضى إلى مهوى مصارعهم ... وليس عندهم من ركضهم خبر
تسعى بها خادعان من سلامتهم ... فيبلغون إلى المهوى وما شعروا
والجهل أصل فساد الناس كلهم ... والجهل أصل عليه يخلق البشر
وإنما العلم عن ذي الرشد يطرحه ... كما عن الطفل يوماً تطرح السرر
وأصعب الداء داء لا يحس به ... كالدق يضعف حساً وهو يستعر
وإنما لم تحس النفس موبقها ... لأن أجزاءه قد عمه الضرر
هذا ما نقلناه من رسالة صاحب تفسير "روح المعاني". وبه يرغم أنف الزائغ النبهاني، حيث تبين به أن الإمام الأشعري على ما عليه السلف، وأن من خالفه من المنتسبين إليه قد غير وحرف، فمصنف "جلاء العينين" إن وافق والده في تلك العقيدة السالمة من وصمة البدع فقد وافق الحق الحقيق بالقبول واتبع، غير أن النبهاني لجهله وإفلاسه من كل فضل يرى أن الحق لم يعده وأن ما هو عليه هو الفصل والعدل.
وأما قوله: وقد سمعت بسبب هذا من بعض علماء مكة كلاماً فظيعاً في حقه- إلخ.
فيقال له: عنه وعن والده هذا الكلام مردود من وجوه:
الوجه الأول: أنا نستفسر من النبهاني هذا ونسأله على فرض صدق كلامه وصحة نقله ونقول له من سلم من لسان الورى، ومن أمن معرة كلام الناس، ومن