للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِبَادِهِ جُزْءاً} ١. أي: نصيباً وبعضاً، أو جعلوا لله نصيباً من الولد، تعالى الله عن ذلك، فإن الولد جزء من الوالد، قال صلى الله عليه وسلم: "إنما فاطمة بضعة مني"٢.

وقوله: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ} قال الكلبي: نزلت في الزنادقة، قالوا: إن الله وإبليس شريكان، فالله خالق النور والناس والدواب والأنعام، وإبليس خالق الظلمة والسباع والحيات والعقارب.

وأما قوله: {وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً} فقيل: هو قولهم: الملائكة بنات الله، وسمى الملائكة جناً لاجتنانهم عن الأبصار، ومن الناس من قال: حيُّ من الملائكة يقال لهم الجن- ومنهم إبليس- وهم بنات الله، وقال الكلبي: قالوا- لعنهم الله- بل بذور تخرج منها الملائكة، وقوله: {وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ} قال الثعلبي: هم كفار العرب قالوا: الملائكة والأصنام بنات الله، واليهود قالوا عزير ابن الله، إلى غير ذلك من المقالات التي سبوا بها فاطر السموات، ولنا كتاب سميناه "آراء بني آدم في إله العالم" لم يكمل بعد، وفيه ترى ما تكلم به الناس في إلههم ومعبودهم عز اسمه.

وأما ما كان من الأمم مع أنبيائهم وما صدر منهم في شأنهم من الأذى والشتم والسخرية وغير ذلك مما حكاه الله في كتابه فذلك لا يستوعبه المقام، وما كان من العرب الجاهليين- ولاسيما قريش- في حق خاتمهم صلى الله عليه وسلم مما تشيب منه لمم المداد، قد فصل في كتب السير والتواريخ.

وقد ذكر شيخ الإسلام في كتابه "الصارم المسلول" فصولاً مهمة في ذلك فذكر قصة الأعمى الذي قتل أم ولد له كانت تشتم النبي صلى الله عليه وسلم، وقصة كعب بن الأشرف اليهودي، وقصة قتل العصماء بنت مروان من بني خطمة التي هجت النبي صلى الله عليه وسلم وقصة قتل أبي عفك اليهودي لهجائه أيضاً، وقصة ابن أبي سرح وقصة ابن زنيم الديلمي لهجائه أيضاً، وحديث القينتين اللتين كانتا تغنيان بهجائه،


١ سورة الزخرف: ١٥.
٢ أخرجه البخاري (٩٢٦، ٣١١٠، ٣٧١٤، ٣٧٦٧، ٥٢٣٠، ٥٢٧٨) ومسلم (٢٤٤٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>