وحكاية قتل ابن خطل، والأمر بقتل من كان يهجوه ويؤذيه من شعراء قريش، وقصة قتل أبي رافع اليهودي لأجل أذى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقصة هلاك المستهزئين، وحديث الأعرابي الذي قال للنبي صلى الله عليه وسلم عند تقسيمه المغانم ما أحسنت ولا أجملت، وغير ذلك مما آذوه به صلى الله عليه وسلم مما حكى في القرآن، كرميه تارة بأنه شاعر، وأخرى بأنه كاهن، ومرة بأنه مجنون، ونحوها مما مر بيانه، فانتقم الله تعالى منهم، وشفى الله بهم صدور المؤمنين.
وفي كتاب "أعلام النبوة" للماوردي: "فإن قيل: مجيء الأنبياء موضوع لمصالح العالم وهم مأمورون بالرأفة والرحمة ومحمد جاء بالسيف وسفك الدماء وقتل النفوس فصار منافياً لما جاء به موسى وعيسى عليهما السلام فزال عن حكمهما في النبوة لمخالفتهما في السيرة.
قال: فالجواب: أن السيف إذا كان لطلب الحق كان خيراً، واللطف إذا كان مع إقرار الباطل كان شراً، لأن الشرع موضوع لإقرار الفضائل الإلهية، والحقوق الدينية، ولذلك جاء الشرع بالقتل والحدود ليستقر به الخير، وينتفي به الشر، لأن النفوس الأشرة لا يكفها إلا الرهبة، فكان القهر لها أبلغ في انقيادها من الرغبة، وكانت العرب أكثر الناس شراً وعتواً لكثرة عددهم وقوة شجاعتهم فلذلك كان السيف فيهم أعظم من اللطف وأنفع منه.
ويجاب أيضاً: أنه لم يكن في جهاده بدعاً من الرسل، فقبله إبراهيم عليه السلام جاهد الملوك الأربعة الذين ساروا إلى بلاد الجزيرة للغارة على أهلها، وحاربهم حتى هزمهم بأحزابه وأتباعه. وهذا يوشع بن نون قتل نيفاً وثلأثين ملكاً من ملوك الشام، وأباد من مدنها ما لم يبق له آثر، ولا من أهله صافر، من غير أن يدعوهم إلى دين أو يطلب منهم إتاوة، وساق الغنائم، وغزا داود من بلاد الشام ما لم يدع فيها رجلاً ولا امرأة إلا قتلهم وهو موجود في كتبهم، ومحمد صلى الله عليه وسلم بدأ بالاستدعاء وحارب بعد الإباء.
ثم تكلم بكلام يتعلق بهذا المعنى إلى أن قال: وإنما تطلبت الملحدة بمثل