للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا الاعتراض القدح في النبوات، فإنهم لم يعفوا نبياً من القدح في معجزته والطعن على سيرته، حتى قال منهم في عصرنا ما طعن به على موسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم بشعر نظفه فقال:

وفالق البحر لم يفلق جوانبه ... إذ ضاع فيه ضياع الحر في السفل

ومدع يدعي الأشياء خلقته ... ما باله زال والأشياء لم تزل

وآخر يدعي بالسيف حجته ... هل حجة السيف إلا لحجة البطل

قال فحضرت حين وردت هذه الأبيات إلى بعض أهل العلم فأجاب عنها بقوله:

قل للذي جاء بالتكذيب للرسل ... ورد معجزهم بالزيغ والدغل

وقال في ذاك أبياتاً مزخرفة ... ليوقع الناس في شك من الملل

ضياع موسى دليل من أدلته ... من بعد ما صار فرق البحر كالجبل

ليعلم الناس أن الله فالقه ... وأن موسى ضعيف تاه في السبل

ومعجز الخلق في فلق المياه له ... وجعله البر ما يحتاط بالحيل

وابن البتول فإن الله نزهه ... عما ذكرت من الدعوى على الجمل

ما كان منه سوى طير يقدره ... طيناً وربي أحياه ولم يزل

وقال إني بإذن الله فاعله ... وأذن ربي يحيي الخلق لا عملي

وصاحب السيف كان السيف حجته ... بعد البيان عن الإعجاز والمثل

وجاء مبتدئاً بالنصح مجتهداً ... بمعجزات لما حارت أولو النحل

منها كتاب مبين نظمه عجب ... فيه من الغيب ما أوحى إلى الرسل

فأفحم الشعراء المفلقين به ... لما تحداهم بالرفق في مهل

وأنبع الماء عذباً من أنامله ... من غير ما صخرة كانت ولا وشل

وشارف القوم وافاه وكلمه ... وقال إني من قتلي على وجل

والذئب قد أخبر الراعي بمبعثه ... فجاء يشهد بالإسلام في عجل

والجذع حن إليه حين فارقه ... حنين ذات جؤار ساعة الهبل

وأخبر الناس عما في ضمائرهم ... مفصلاً بجواب غير محتمل

<<  <  ج: ص:  >  >>