واعلم أن ما ينقله الروافض عن الصحابة من المثالب نوعان:
أحدهما: ما هو كذب، إما كذب كله وإما محرف قد دخله من الزيادة والنقصان ما أخرجه إلى الذم والطعن، وأكثر المنقول من المطاعن الصريحة هو من هذا الباب يرويها الكذابون المعروفون بالكذب، مثل أبي مخنف لوط بن يحيى، ومثل هشام بن محمد بن السائب لكلبي، وأمثالهما من الكذّابين.
النوع الثاني: ما هو صدق، وأكثر هذه الأمور لهم فيها معاذير تخرجها عن أن تكون ذنوباً، وتجعلها من موارد الاجتهاد التي إن أصاب المجتهد فيها فله أجران وإن أخطأ فله أجر، وعامة المنقول الثابت عن الخلفاء الراشدين من هذا الباب، وما قدر من هذه الأمور ذنباً محققاً فإن ذلك لا يقدح فيما علم من فضائلهم وسوابقهم وكونهم من أهل الجنة، لأن الذنب المحقق يرتفع عقابه في الآخرة بأسباب متعددة، ذكر ذلك الشيخ "في المنهاج" وبيّن الأسباب المزيلة للذنوب، وذكر أصولاً جامعة نافعة في هذا الباب، وما ذكره صادق على أعداء علماء الدين وحفاظ الموحدين.
فإن النبهاني وأضرابه الغلاة لم يزالوا يتكلمون بكلام موافق لكلام الروافض، وهكذا الكلام في النواصب والخوارج وما كان منهم من التجاوز على أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه، ولم ينتقص به من قدر الأمير شيء، ولا لحقه وهن من ذلك، وما تكلم به النبهاني وأضرابه في شأن خصومهم بالنسبة إلى ما تكلم به أعداء الصحابة وخصومهم كنغبة من داماء، وجرعة من بحر ماء، فهو لا يورث طعناً إلا لجاهل منقوص، ولا يؤثر في البنيان المرصوص.
الوجه الثاني: أن يقال للنبهاني: إن ما كان من الطعن والبغض لمصنف "جلاء العينين" ووالده فهو لا شك من القبوريين الغلاة، بسبب ما لحقهم من هدم بنيانهم وإبطال برهانهم، لا لذنب صدر ولا لجناية لا تغفر، بل إذا كان الذنب متعلقاً بالله ورسوله فهو حق محض لله، فيجب على الإنسان أن يكون في هذا الباب قاصراً لوجه الله متبعاً لرسوله، ليكون عمله خالصاً صواباً، قال تعالى: