للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرابع: عيسى؛ جعلته اليهود لعبة، وجعلته النصارى إلهاً، تعالى الله عن إفكهم علواً كبيراً.

والخامس: الكتب المنزلة؛ آمن هؤلاء ببعض، وهؤلاء ببعض.

والسادس: الدين، أخذ هؤلاء بدين وهؤلاء بدين.

ومن هذا الباب، قوله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ} ١.

وقد روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال: "اختصمت يهود المدينة ونصارى نجران عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت اليهود: ليست النصارى على شيء، ولا يدخل الجنة إلا من كان يهودياً، وكفروا بالإنجيل وعيسى، وقالت النصارى: ليست اليهود على شيء، وكفروا بالتوراة وموسى. فأنزل الله تعالى هذه الآية والتي قبلها" ٢.

واختلاف أهل البدع هو من هذا النمط، فالخارجي يقول: ليس الشيعي على شيء، والشيعي يقول: ليس الخارجي على شيء، والقدري النافي يقول: ليس المثبت على شيء، والقدري الجبري المثبت يقول: ليس النافي على شيء، والوعيدية تقول: ليست المرجئة على شيء، والمرجئة تقول: ليست الوعيدية على شيء.

بل ويوجد شيء من هذا بين أهل المذاهب الأصولية والفروعية المنتسبين إلى السنة، فالكلابي يقول ليس الكرامي على شيء، والكرامي يقول ليس الكلابي على شيء، والأشعري يقول ليس السالمي على شيء، والسالمي يقول ليس الأشعري على شيء، وصنف السالمي كأبي علي الأهوازي كتاباً في مثالب الأشعري، وصنف الأشعري كابن عساكر كتاباً يناقض ذلك من كل وجه وذكر فيه


١ سورة البقرة: ١١٣.
٢ أخرجه ابن إسحاق كما في "سيرة ابن هشام " (١/ ٥٤٩) وابن جرير الطبري في "تفسيره" (٢/ ٥١٣/ ١٨١١) وابن أبي حاتم في "تفسيره" (١/٢٠٨/ ١١٠٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>