للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا صح منك الود فالكل هين ... وكل الذي فوق التراب تراب

الوجه الرابع: أن النبهاني لم يصرح بما سمعه من الطعن والقدح حتى نتكلم عليه، والظاهر أن ذلك ما يقوله بعض غلاة العراقيين كابن جرجيس وأتباعه من أنه كان على طريقة الوهابيين، وسبب ذلك أن ابن جرجيس هذا كان من غلاة الشافعية فاعترض على عبارة في كتاب "الطراز المذهب" لوالد مصنف جلاء العنين وأفرد للاعتراض رسالة هذى فيها بما تمجه الأسماع مما يتعلق بالاستغاثة والاستعانة ودعاء غير الله، فرآها صاحب جلاء العينين بعد وفاة والده- وهو إذ ذاك شاب - فكتب على تلك الرسالة رداً ألقمه به حجر السكوت، وسماه "شقائق النعمان على شقاشق ابن سليمان" يعني به داود بن جرجيس بن سليمان العاني، وكان من الجهل على جانب عظيم، ومن التجاسر على التحريف والتدليس، ما يعجز عن مثله إبليس، وقد فضحه الله تعالى بهذا الرد، وقد قرظ عليه العلماء، منهم الفاروقي شاعر عصره بقوله:

شقاشق ابن سليمان أصغت لها ... صضمعا فأسمعني تعبيرها القججا

ومن شقائق نعمان عليه بها ... ما منه أظهر عن إفصاحه البججا

وقال أيضاً:

مزامير داود النبي لنا بها ... غنى عن سماع في شقاشق داود

فدع عنك يا نعمان رد اعتراضه ... ولا ترمه إذ جاء يعوي بجلمود

وقال أيضاً:

شقاشق لابن سليمان قد ... حكت غداة الطعن يوم الكفاح

كتيبة خضراء مهزومة ... شقائق النعمان فيها جراح

وداود هذا هو الذي قال في كتابه صلح الإخوان أو غيره- بعد أن ذكر عدة شبه من شبهه على جواز التوسل بسائر الحيوانات، وإثبات الجاه الكثير لجملة من الجمادات- وأعظم من ذلك وأوضح دلالة ما ذكره الفقهاء في باب الاستسقاء للتوسل بها إلى الله تعالى، وقال أيضاً: لا يخفى عليك مما قدمنا أن التوسل

<<  <  ج: ص:  >  >>