من عنده أو جهلاً منه، وإلا فمن له أدنى إلمام بالعلم يعرف صحة ذلك النقل، وهو مذكور في كتابه بعبارة صحيحة على ما سبق، والعالم الجليل لا يخلو من حاسد وخليل، بل ترى كثيراً من الناس أخلاء، وهم في الحقيقة خلاء، وأجلاء وهم عند التأمل لا خلاء ولا ملاء، يظهرون الصلاح والوداد ويخفون- أخفاهم الله تعالى- العداوة والفساد، فلا فرج الله عنهم هماً، ولا حمد لهم بين الأنام اسماً، ولا حسن لهم حالاً ولا أصلح لهم مآلاً.
كل خليل كنت خاللته ... لا ترك الله له واضحة
كلهم أروغ من ثعلب ... ما أشبه الليلة بالبارحة
حسدوا فذموا، ومن يغب عن أبصارهم غابوا ونموا، ولا بدع فالكريم إذا غاب غيب، وإذا هاب هيب، على أن في ذمهم شهادة بالكمال، وإثباتاً لمزيد الفضل والإفضال، فزادهم الله تعالى حسداً، وأماتهم كدراً ونكداً، وما أحسن ما قال القائل:
لا فقدت الحسود مدة عمري ... إن فقد الحسود أخبث فقد
كيف لا أوثر الحسود بشكري ... وهو عنوان نعمة الله عندي
هذا وشرح الكلام لا يسعه أمثال هذا المقام.
وبالجملة: إن من ذمه الله ورسوله فهو المذموم، ومن رضيا عنه فهو المرضي، ومن حكما بعدالته فهو العدل.
قال الشيخ ابن تيمية رحمه الله تعالى في أثناء كلام له: "إن الكفر والفسق أحكام شرعية ليس ذلك من الأحكام التي يستقل بها العقل، فالكافر من جعله الله ورسوله كافراً، والفاسق من جعله الله ورسوله فاسقاً، كما أن المؤمن والمسلم من جعله الله ورسوله مؤمناً ومسلماً، والعدل من جعله الله ورسوله عدلاً، والمعصوم الدم من جعله الله ورسوله معصوم الدم، والسعيد في الآخرة من أخبر الله ورسوله عنه أنه سعيد في الآخرة، والشقي فيها من أخبر الله ورسوله عنه أنه شقي فيها،