للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتابعين والأئمة الأربعة وسائر أئمة الدين أن قوله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} ١ ليس معناه أنه مختلط بالمخلوقات وحال فيها، ولا أنه بذاته في كل مكان، بل هو سبحانه وتعالى مع العبد أينما كان، يسمع كلامه ويرى أفعاله، ويعلم سره وخفاه، رقيب عليهم، مهيمن عليهم، بل السموات والأرض وما بينهما كل ذلك مخلوق لله ليس الله بحال في شيء منه سبحانه، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} ٢ لا في ذاته ولا في صفاته، ولا في أفعاله، بل يوصف الله بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله، من غير تكييف ولا تمثيل، ولا تحريف ولا تعطيل، فلا تمثل صفاته بصفات خلقه، ومذهب السلف إثبات بلا تشبيه، وتنزيه بلا تعطيل، وقد سئل الإمام مالك رضي الله تعالى عنه عن قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} ٣ فقال: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة.

فهذا الإمام كما رأيت عقيدته وكاشفت سريرته، فمن كان على هذه العقيدة كيف ينسب إلى الحلول والاتحاد والتجسيم، أو ما يذهب إليه أهل الإلحاد، أعاذنا الله وإياكم من الزيغ والضلال والفساد، وهدانا إلى سبيل الخير والرشاد، إنه على ذلك قدير، وبالإجابة جدير. حرره منمقاً فقير رحمة ربه العلي الغني، أبو محمد محمود بن أحمد العيني عامله الله بلطفه الخفي والجلي، بتاريخ الثامن عشر من شهر ربيع الأول سنة خمس وثلاثين وثمانمائة بالقاهرة المحروسة".


١ سورة الحديد: ٤.
٢ سورة الشورى: ١١.
٣ سورة طه: ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>