للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غلى قبره ختمات، وبات أصحابه على قبره ليالي عديدة.

ثم ذكر شعر بعضَ من رثاه، ونبذة من شعر بعض من مدحه وأثنى عليه، كالإمام زين الدين عمر بن الوردي، وأثير الدين أبي حيان، وذكر ترجمة ابن الوردي، ولعد أن أورد شعر أبي حيان -قال:

ومثل الإمام أبي حيان إذا شهد له بأنه ناصر الشريعة، ومظهر الحق، ومخمد الشر، وأنه الإمام الذي كانوا ينتظرون مجيئه؛ فكفاه مدحاً وتزكية، فإذا كان هذا الإمام بهذا الوصف بشهادة هذا الإمام وبشهادة غيره من العلماء الكبار فماذا يترتب على من يطلق عليه الكفر، أو ينبزه بالزندقة، ولا يصدر هذا إلا عن جاهل، أو مجنون كامل، فالأول يعزر بغاية التعزير، ويشهر في المجالس بغاية التشهير، بل يؤبد فى الحبس إلى أن يحدث التوبة، أو يرجع عن ذلك بأن يحسن الأوبة، والثاني يداوى بالسلاسل والأصفاد، والضرب الشديد بلا أعداد، وهذا كله من فساد هذا الزمان، وتوانى ولاة الأمور عن إظهار العدل والإحسان، وقطع دابر المفسدين. واستئصال شأفة المدبرين، حيث يتعدى جاهل- يزعم أنه عالم- يثلب أعراض المسلمين. ولاسيما الذين مضوا إلى الحق بالحق وبه كانوا عاملين، وهذا الإمام مع جلالة قدره في العلوم نقلت عنه على لسان جم غفير من الناس كرامات ظهرت منه بلا التباس، وأجوبة قاطعة عند السؤال منه من المعضلات، من غير توقف منه بحالة من الحالات.

ومن جملة ما سئل عنه -وهو على كرسيه يعظ الناس، والمجلس غاص بأهله: ما رأيكم في رجل يقول ليس إلا الله، ويقول الله في كل مكان، هل هو كفر أم إيمان؟

فأجاب على الفور: من قال إن الله بذاته في كل مكان فهو"مخالف للكتاب والسنة وإجماع المسلمين، بل هو مخالف للملل الثلاث، بل الخالق سبحانه وتعالى بائن من المخلوقات، ليس في مخلوقاته شيء من ذاته، ولا في ذاته شيء من مخلوقاته، بل هو الغني عنها البائن بنفسه بها، وقد اتفق الأئمة من الصحابة

<<  <  ج: ص:  >  >>