للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإطناب، وهيهات أن يستوفي هذا التقريظ ثناء على ذلك النثر والقريض، ولكونها على اختصارها اشتملت على أحوال ذلك الإمام سنذكرها إن شاء الله تعالى بالتمام.

وقد صنف في مناقب شيخ الإسلام تقي الدين أحمد بن تيمية رضي الله عنه غير من ذكرنا من الأفاضل، والعلماء الأكابر، وذب عنه وأخذ بأقواله واختارها في عصره وبعده، وكان ذلك من علائم بصائرهم وفطنهم، فلا تجد في عصر من الأعصار من يذب عنه ويختار قوله ويسلك مسلكه إلا وهو الفائق على غيره ذكاء وفطنة وإنصافاً، ولا تجد من يخالفه ويعاديه إلا وهو من أهل الغلو والغباوة وحب الدنيا والمخالف للسنة والمعادي للحق، وهذه منقبة لم تكن إلا لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينلها أحد من أكابر المجتهدين، فمن الذي منهم ألّف في مناقبه من الكتب ما ألّف فيه!؟ فسبحان من خص بعض عباده بخصائص لم ينلها غيره بجد ولا اجتهاد {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ١.

والثناء عليه في كل عصر من أفاضله ومشاهير علمائه لا يمكننا استقصاؤه ولا الإحاطة به، ولا سميا في هذا العصر بعد أن انتشرت كتبه ورسائله وفتاواه، ففي الهند عدد كثير من المحققين كتبوا في مناقبه، وذبوا عنه، وأخذوا بأقواله واختياراته، وفي نجد كذلك، فإن قوله لديهم متبع، ومرجح على أقوال كثير من المجتهدين، وفي مصر جمع غفير على هذا المنوال، كتبوا في مناقبه مقالات مطولة ومختصرة، وأثنوا عليه وذبوا عنه، وخطَّؤوا المنكرين عليه، والمبغضين له حسداً من عند أنفسهم، ومنهم شيخ الإسلام الإمام محمد عبده مفتي الديار المصرية، وهو الفاضل الذي عقم الزمان أن يأتي بمثله فضلاً وإنصافاً وذكاء وبلاغة، ونثراً وشعراً، وغيرة على الدين، قدس الله روحه ونور ضريحه.

حلف الزمان ليأتين بمثله ... حنثت يمينك يا زمان فكفر


١ سورة آل عمران: ٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>