للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال العلامة ابن الوردي ناظم البهجة في رحلته- لما ذكر علماء دمشق وترك التعصب والحمية-: وحضرت مجالس ابن تيمية فإذا هو بيت القصيدة، وأول الخريدة، علماء زمانه فلك هو قطبه، وجسم هو قلبه، يزيد عليهم زيادة الشمس على البدر، والبحر على القطر، حضرت بين يديه يوماً فأصبت المعنى، وكناني وقبل بين عيني اليمنى، وقلت:

إن ابن تيمية في ... كل العلوم أو حد

أحييت دين أحمد ... وشرعه يا أحمد

وقال الحافظ فتح الدين أبو الفتح بن سيد الناس اليعمري المصري- بعد أن ذكر ترجمة الحافظ المزي-: وهو الذي حداني على رؤية الشيخ الإمام شيخ الإسلام تقي الدين أبي العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية، فألفيته ممن أدرك من العلوم حظاً، وكاد يستوعب السنن والآثار حفظاً، إن تكلم في التفسير فهو حامل رايته، أو أفتى في الفقه فهو مدرك غايته، أو ذاكر بالحديث فهو صاحب علمه وذو روايته، أو حاضر بالملل والنحل لم ير أوسع من نحلته في ذلك ولا أرفع من درايته، تبرز في كل فن على أبناء جنسه، ولم تر عين من رآه مثله ولا رأت عينه مثل نفسه، كان يتكلم في التفسير فيحضر مجلسه الجم الغفير، ويردون من بحر علمه العذب النمير، ويرتعون من ربيع فضله في روضة وغدير، إلى أن دبّ إليه من أهل بلده داء الحسد، وألب أهل النظر منهم على ما ينتقد عليه من أمور المعتقد، فحفظوا عنه في ذلك كلاماً أوسعوه بسببه ملاماً، وفوقوا لتبديعه سهاماً، وزعموا أنه خالف طريقهم، وفرق فريقهم، يسومونه ريب المنون، وربك يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون، ولم يزل بمجلسه إلى حين ذهابه إلى رحمة الله، وإلى الله ترجع الأمور، وهو المطلع على خائنة الأعين وما تخفي الصدور.

ثم قال: قرأت على الشيخ الإمام حامل راية العلوم ومدرك غاية الفهوم تقي الدين أبي العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية رحمه الله، بالقاهرة

<<  <  ج: ص:  >  >>