للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قدم علينا، ثم ذكر حديثاً من جزء ابن عرفة.

وقال الشيخ علم الدين البرزالي في "معجم شيوخه ": أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن محمد بن تيمية الحراني الشيخ تقي الدين أبو العباس الإمام المجمع على فضله ونبله ودينه، قرأ القرآن وبرع فيه والعربية والأصول، ومهر في علم التفسير والحديث، وكان إماماً لا يلحق غباره في كل شيء وبلغ رتبة الاجتهاد، واجتمعت فيه شروط المجتهدين، وكان إذا ذكر التفسير بهت الناس من كثرة محفوظه وحسن إيراده، وإعطائه كل قول ما يستحقه من الترجيح والتضعيف والإبطال، وخوضه في كل علم كان الحاضرون يقضون منه الحجب، هذا مع انقطاعه إلى الزهد والعبادة، والاشتغال بالله تعالى، والتجرد من أسباب الدنيا، ودعاء الخلق إلى الله تعالى، وكان يجلس في صبيحة كل جمعة يفسر القرآن العظيم، فانتفع بمجلسه وبركة دعائه وطهارة أنفاسه وصدق نيته وصفاء ظاهره وباطنه وموافقة قوله لعمله وأناب إلى الله تعالى خلق كثير، وجرى على طريقة واحدة من اختيار الفقر والتقلل من الدنيا رحمه الله تعالى.

وقال العلامة الزملكاني أحد أئمة الأعلام: لقد أعطى ابن تيمية اليد الطولى في حسن التصنيف، وجودة العبارة والترتيب، والتقسيم والتبيين، وقد ألان الله له العلوم كما ألان لداوود الحديد، كان إذا سئل عن فن من العلم ظن الرائي والسامع أنه لا يعرف غير ذلك الفن، وحكم أن أحداً لا يعرفه مثله، وكان الفقهاء من سائر الطوائف إذا جلسوا معه استفادوا في مذاهبهم منه ما لم يكونوا عرفوه قبل ذلك، ولا يعرف أنه ناظر أحداً فانقطع معه، ولا تكلم في علم من العلوم سواء كان من علوم الشرع أو غيرها إلا فاق فيه أهله والمنسوبين إليه، وكانت له اليد الطولى في حسن التصنيف، ووقعت مسألة فرعية في قسمة جرى فيها اختلاف بين المفتين في العصر فكتب فيها مجلدة كبيرة، وكذلك وقعت مسألة في حد من الحدود كتب فيها مجلدة كبيرة أيضاً، ولم يخرج في كل واحدة عن المسألة، ولا طول بتخليط الكلام والدخول في شيء والخروج من شيء وأتى في كل واحدة بما لم يكن يجري في الأوهام والخواطر، واجتمعت فيه شروط الاجتهاد على وجهها.

<<  <  ج: ص:  >  >>