للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القرآن والفقه وناظر واستدل وهو دون البلوغ، وبرع في العلم والتفسير وأفتى ودرس وله نحو العشرين سنة، وصنف التصانيف وصار من كبار العلماء في حياة شيوخه، وله المصنفات الكبار التي سارت بها الركبان، ولعل تصانيفه في هذا الوقت تكون أربعة آلاف كراس وأكثر، وفسر كتاب الله تعالى مدة سنين من صدره أيام الجمع، وكان يتوقد ذكاء، وسماعاته من الحديث كثيرة، وشيوخه أكثر من مائتي شيخ، ومعرفته بالتفسير إليها المنتهى، وأما حفظه للحديث ورجاله وصحته وسقمه فما يلحق فيه.

وأما نقله للفقه ومذاهب الصحابة والتابعين فضلاً عن المذاهب الأربعة فليس له فيه نظير، وأما معرفته بالملل والنحل والأصول والكلام فلا أعلم له فيه نظيراً، وعربيته قوية جداً، وأما معرفته بالتاريخ والسير فعجب عجيب، وأما شجاعته وجهاده وإقدامه فأمر يتجاوز الوصف ويفوق النعت، وهو أحد الأجواد الأسخياء الذين يضرب بهم المثل، وفيه زهد وقناعة باليسير من المأكل والملبس. انتهى كلام الذهبي ولقد أنصف رحمه الله تعالى.

وقال يعض قدماء أصحاب الشيخ ابن تيمية وقد ذكر نبذة من سيرته: أما مبدأ أمر، ونشأته فإنه نشأ من حين نشأ في حجور العلماء، راشفاً كؤوس الفهوم، راتعاً في رياض التفقه ودوحات الكتب الجامعة لكل فن من الفنون، لا يلوي إلى غير المطالعة والاشتغال والأخذ بمعالي الأمور وخصوصاً علم الكتاب العزيز والسنة النبوية ولوازمهما، ولم يزل على ذلك خلفاً صالحاً سلفياً، متألهاً عن الدنيا صيناً تقياً، براً بأمه ورعاً عفيفاً، عابداً ناسكاً صواماً قواماً ذاكراً لله تعالى في كل أمر وعلى كل حال، راجعاً إلى الله تعالى في سائر الأحوال والقضايا، وقافاً عند حدود الله تعالى وأوامره ونواهيه، آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر، لا تكاد نفسه تشبع من العلم ولا ترتوي من المطالعة، ولا تمل من الاشتغال ولا تكل عن البحث، وقل أن يدخل في علم من العلوم من باب من أبوابه إلا ويفتح له من ذلك الباب أبواب، ويستدرك مستدركات في ذلك العلم على حذاق أهله مقصودة بالكتاب والسنة، ولقد سمعته في مبادىء أمره يقول: إنه ليقف خاطري في المسألة

<<  <  ج: ص:  >  >>