للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو الشيء أو الحالة التي تشكل علي فأستغفر الله تعالى ألف مرة أو أكثر أو أقل حتى ينشرح الصدر وينجلي إشكال ما أشكل، قال: وأكون إذ ذاك في السوق أو المسجد أو الدرب أو المدرسة لا يمنعني ذلك من الذكر والاستغفار إلى أن أنال مطلوبي، قال: ولقد كنت في تلك المدة وأول النشأة إذا اجتمعت بالشيخ ابن تيمية في ختمة أو مجلس ذكر خاص مع المشائخ وتذاكروا وتكلم مع حداثة سنة أجد لكلامه صولة على القلوب، وتأثيراً في النفوس، وهيمنة مقبولة، ونفعاً يظهر أثره وتنفعل له النفوس التي سمعته أياماً كثيرة ٤ حتى كأن مقاله بلسان حاله، وحاله ظاهر في مقاله.

وقال الشيخ الإمام الحافظ شمس الدين محمد بن أحمد بن عبد الهادي بن قدامة المقدسي في كتابه المناقب: لم يبرح شيخنا- يعني ابن تيمية- في ازدياد من العلوم، وملازمة للاشتغال وبث العلم ونشره، والاجتهاد في سبيل الخير، حتى انتهت إليه الإمامة في العلم والعمل، والزهد والورع، والشجاعة والكرم، والتواضع والحلم، والإنابة والجلالة والمهابة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وسائر أنواع الجهاد، مع الصدق والأمانة، والعفة والصيانة، وحسن القصد والإخلاص، والابتهال إلى الله، وكثرة الخوف منه، وكثرة المراقبة له، وشدة التمسك بالأثر، والدعاء إلى الله، وحسن الأخلاق ونفع الخلق والإحسان إليهم، والصبر على من آذاه والصفح عنه والدعاء له، وسائر أنواع الخير.

وكان رحمه الله سيفاً مسلولاً على المخالفين، وشجى في حلوق أهل الأهواء والمبتدعين، وإماماً قائماً ببيان الحق ونصرة الدين، وكان بحراً لا تكدره الدلاء، وحبراً يقتدي به الأخيار الألباء، طنت بذكره الأمصار، وضنت بمثله الأمصار، واشتغل بالعلوم، وكان ذكياً كثير المحفوظ، إماماً في التفسير وما يتعلق به، عارفاً بالفقه واختلاف العلماء والأصلين والنحو واللغة، وغير ذلك من العلوم النقلية والعقلية، وما تكلم معه فاضل في فن إلا ظن أن ذلك الفن فنه، ورآه عارفاً به متقناً له، وأما الحديث فكان حافظاً له، مميزاً بين صحيحه وسقيمه، عارفاً برجاله

<<  <  ج: ص:  >  >>